كيمياء السيسى وترامب: سمو الهدف واستقلالية القرار وثبات الرجال
ليس غريبًا مطلقًا أن تتفاعل إيجابيًا كيمياء السيسى وكيمياء ترامب الرئيس المنتخب الجديد فى الولايات المتحدة الأمريكية، فهناك جوانب مهمة مشتركة بين الزعيمين الكبيرين، رغم مسيريتيهما المختلفتين فى الحياة.
السيسى رجل عسكرى جاد ومباشر وناجح شق طريقه إلى أعلى درجات السلم فى المؤسسة العسكرية المصرية عبر سنوات طويلة من الكفاح والصبر والمثابرة غير المنقطعة، وعندما استقرت به الظروف فى موقع وزير الدفاع، كان قلبه ممتلئًا بالرضا وكانت روحه متشحة بالسمو الذى يعلو بصاحبه ولا يهبط به أبدًا ولذلك لم يتردد السيسى فى اختيار طريقه – رغم ما كان هذا الاختيار يعنيه من خطورة حاسمة وجسيمة قد تطاله هو وأسرته وأحباءه لو ساءت الأمور وكانت الغلبة اللحظية لأهل الشر والخيانة – حين وضحت أمامه خطورة الأوضاع وتعلق أمن مصر كلها ومستقبلها ومستقبل شعبها - ناهيك عن الدول العربية والأفريقية التى قد تتأثر بالأوضاع فى القاهرة – بموقفه وتصرفه: أيواجه خطر الإخوان الغاشمين بصدر مفتوح ليصد عن وطنه؟ أو يؤثر رغد العيش ويدير ظهره لما تراه عيناه ويدركه عقله وضميره؟ لقد كان قرار السيسى واضحًا وحاسمًا، ولم يهتز الرجل ولا قراره لاحقًا، رغم ما تعرض له من هجوم مستعر وحملات الضغينة من أولياء الشيطان فى الداخل والخارج.
ترامب رجل عسكرى مدنى مكافح ومناضل نجح فى مسيرة طويلة على مدار عقود من الزمان فى الوصول إلى النجومية كأحد أثرياء العالم: من حى كوينز الفقير فى مدينة نيويورك - حيث ولد - إلى مدرسة عسكرية ثم الى جامعة بنسلفانيا العريقة منتجة رجال الأعمال الناجحين، ومن الجامعة العريقة إلى رجل أعمال ناجح ثم إلى غلاف مجلة المشاهير "فوربس" كواحد من أغنى الأغنياء فى العالم كله، ثم إلى طريق المشاهير فى هوليوود كواحد من أصحاب النجوم فيه، مسيرة طوبلة وعظيمة الجهد والصمود، مسيرة مليئة بالقرارات الصعبة.
إن ما يجمع السيسى وترامب ببعضهما ويخلق بينهما هذه الكيمياء الحميدة الجميلة الجلية كالشمس هو هذا التشابه فى مسيرة كفاح طويلة لا خداع ولا نفاق ولا مجاملة فيها، بل جد واجتهاد وصبر على المكاره وكره للضعف ولتسول عون الآخرين وللحياة الرخيصة ولكل ما هو رخيص يكسبون صاحبهم رؤية ثاقبة ونفسًا لا تقبل إلا ما كان عزيزًا.
إن ما يجمع السيسى وترامب هو سمو الغاية فى سعيهما إلى الرئاسة، وأمام الغاية السامية تتراجع اعتبارات كثيرة وتهون صعاب كثيرة ومشاق كثيرة، فصاحب الغاية السامية هو صاحب رسالة، وليس جامع مال ولا طالب نفاق ولا ممالأة، وهو ما قد يفسر طبيعة بعض قراراتهما التى قد لا تعجب البعض أو تصدم البعض أو تحير البعض وتتركه متعجبًا.
إن ما يجمع السيسى وترامب هو هذا القرار المستقل النابع من تربيتهما العسكرية وتجربتيهما فى الحياة ومن راحتهما إلى شرف الغاية ونبل القصد وتفهم الناس وإن تأخر.
إن ما يجمع السيسى وترامب هو ثبات الرجال، فهما شخصان قويان ولا تهزهما الضغوط ولا تخيفهما العواقب، فالرجال عندهما لا يتأرجحون فى مواقفهم، وهكذا ينبغى أن تكون الرجال، حفظ الله مصر ورئيسها ووفقه وقادتها إلى كل خير.