رئيسنا المنتخب وتعديل النشيد المصرى الوطنى ليعبر عن خصالنا وطموحاتنا
هل للنشيد الوطنى فى الدول وظيفة؟! أم أنه مظهر من مظاهر قد يحبها البعض والسلام؟ إن للنشيد الوطنى فى كل دولة دور مهم وحقيقى، فهو النداء من الوطن إلى أبنائه، فالنشيد قد يعمل عمل النداء إلى الصلاة، ولكن قدسيته أو مكانته تنبع من حبنا لبلدنا وحب كل شعب لبلده وإحساسه بالالتزام الحميم السرمدى نحوه شعبا وأرضا وحكومة، والنشيد يدعو إلى الوطن بكل الطرق وفى كل وقت من أجل أن يلتف الجميع حول ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم ويحموا تراثهم فى كل مجال ويحموا لغتهم وقيمهم وأهدافهم النبيلة والمشروعة، ومن أجل الذود عن كيانهم ضد المعتدين الآثمين وضد المتأمرين على الوطن ومقدراته فى كل وقت وفى كل حين.
النشيد الوطنى هو كلمة السر العلنية بين عقل الوطن وقلبه من ناحية وعقل المواطن وقلبه من ناحية أخرى، هو كلمة السر البسيطة المعقدة التى يفقهها كل مواطن مهما علا شأنه أو دنا، ولذا اهتمت الدول وتهتم كثيرًا بصياغة نشيدها الوطنى وتوقيره، وقد عرفت الشعوب النشيد الوطنى منذ عهد إخناتون، وإن اتخذ صبغة دينية بسبب طبيعة الحكم ذاته - مثلما حدث فى دول أخرى لاحقًا - ثم ظهرت أنماط أخرى مثل الأوبرالى والعسكرى، والحديث فى ذلك يطول، ولكنى هنا بصدد مضمون نص النشيد الوطنى، ولست بصدد تناول الشكل الموسيقى له، فإذا ألقينا نظرة إلى النشيد الوطنى المصرى وجدناه يتناول فى مضمونه فكرة الكفاح ضد المحتل والنضال ضده والدعوة إلى الفداء الوطنى، فلا قيمة للحياة والوطن يئن ومصيره فى قبضة المحتل الغاصب، ونظرة سريعة إلى أناشيدنا الوطنية منذ "اسلمى يا مصر" لمصطفى صادق الرفاعى وألحـان صفر على، و"نشيد الحرية" لكامل الشناوى وألحان محمد عبدالوهاب و"والله زمان يا سلاحى" لصلاح جاهين وألحان كمال الطويل، و"بلادى بلادى" للشيخ يونس القاضى وألحان سيد دورويش تفصح عن مضمون يدور حول الفخر بأمجادنا والدعوة إلى الفداء من أجل الوطن والذود عنه وحمل السلاح والغضب الوطنى على العدو الغاصب.
هذه قيم جميلة وعظيمة أسهمت فى دعم مسيرة الوطن خلال تاريخنا وخلال العقود الماضية، ولكن ظروفنا تغيرت كثيرًا الآن سياسيًا واقتصاديًا وفكريًا وتبدلت أولوياتنا أيضًا، مع التقدير والاجلال لكل الألويات السابقة، فقد صار الاقتصاد أهم شىء، ويرتبط به التنمية والعمل والتطور التكنولوجى والنظافة والدقة والترشيد والتسامح وكافة قيم الاستمرارية والبقاء والارتقاء.
تغيرت ظروفنا كثيرًا عن ظروف العقود الماضية، ومن هذه التغيرات وصول رئيس جديد إلى سدة الحكم فى البلاد بالانتخاب الحر النزيه لأول مرة فى تاريخنا المصرى كله، ولذلك، ولكل هذه التغيرات فى مسارنا التاريخى ومسارنا الحاضر، فقد يكون من اللازم النظر الآن إلى نشيدنا الوطنى ومراجعته والعمل على تضمينه من قيمنا ما يحفزنا ويرتقى بنا إلى الأمام فى مقبل أيامنا، تقديرًا لأهمية نشيدنا الذى نردده فى كل مناسبة بفخر واعتزاز، وحتى لا يصبح قطعة من زمان غابر منزوع الصلة بالحاضر والمستقبل.
إن نشيدنا يجمعنا كبيرًا وصغيرًا وعالمًا وطالب علم ومسئولًا ومواطنًا فى حضرته فى كل مناسبة حتى مباريات كرة القدم، فلتكن كل مناسبة، وحتى مباريات كرة القدم، تذكارًا لنا جميعًا بما نحب لوطننا من النظافة والعمل الكثير والشهامة والوطنية والتسامح وطلب العلم والإيمان، وليخرج النشيد من قريحة عدد من شعرائنا الكبار، وليس من أفق شاعر واحد، فلربما أسهم ذلك فى ظهور نشيد وطنى أجمل وأرقى وأكثر تشجيعًا على كل قيم الحياة النبيلة، حفظ الله مصر ورئيسها ووفقه وقادتها إلى كل خير.