شوفى يا مصر
محمد غريب قامة رياضية مصرية فى تنس الطاولة
مجتهد وماضٍ فى عزمه لا يلوه عن جادة طريقه شىء من تردد أو ركون أو غرور، وهو يشق طريقه فى الحياة – كسائر المصريين – بقلب عامر بالإيمان وضمير واعٍ يتلمس الصواب من الخطأ ويسعى إلى الخير والرخاء لنفسه وأسرته ولمن حوله، فمن طاب قلبه بذكر الله واطمأن إلى صواب اختياره عمل بعمل أهل الله وأحب أن يكون منبت خير ومصدر خير أينما حل، وأبى أن يأكل من الأجر ما لا يستحق. وعندما عرفته، عرفته وهو يبحث بقلب حار عن فرصة لمساعدة براعم الفريق القومى السيراليونى لتنس الطاولة، والمكون من أربعة أطفال، فى مصر ليتاح لغريب استئناف تدريب الفريق فى مصر استعدادًا لخوض أول بطولة أفريقية فى تنس الطاولة لفريق سيراليونى على الإطلاق.
فقد رأى غريب، الذى زراهم بتكليف من الاتحاد الدولى، فيهم بذرة صالحة للإنبات والنمو والإثمار وحصاد الميداليات، وهو أمر تاريخى وبطولة فريدة فى عمر البلد الأفريقى الشقيق القليل العون والهمة، وإنجاز لرياضة تنس الطاولة ودعم لها فى أرض جديدة وبين شعب جديد يمكن أن يقبل عليها بحب واهتمام.
قال غريب: لقد أسرنى حالهم وكيف أنهم قليلو العون ويتطلعون إلى قطرة المساعدة ويستجيبون لأقل جهد ويظهرون قدرة طيبة يمكن تطويرها إذا ما وجدت البيئة المناسبة، ويمكن لبعضهم أن يصير بطلًا أو بطلة، وقد هرعت إلى عونهم - حبًا وكرامة قبل كل شىء - لأن الإنسان إنسان، ولأنه لا خير فيمن لا عون فيه لأخيه الإنسان، وليس على المرء إلا ما مكنه ربه فيه، وأنا أطرق كل باب فى مساعدة هؤلاء وتقريبهم إلى رياضتى ليبرعوا فيها ويشقوا طريقهم ناجحين - لأنفسهم ولبلدهم – حتى أنى استضفت بعضًا منهم فى بيتى وبين أبنائى الأعزاء حين لم تسعفهم قدرتهم المالية ولم يصل صوتى إلى مسؤول يرى فى نجدتهم عملًا جديرًا بالإتيان، ولو أن لى بذلك قدرة لاستضفهم أجمعين حتى يروا فرصتهم ويصلوا موفقين إلى أول الطريق، ولكنى أرجو أن ترى مصر فى استضافتهم – ونحن مضيافون وكرماء وأشقاء لهم – التزامًا من مصر الأم والشقيقة الكبرى نحو أبناء لشقيقة أصغر تمر بعصيب الأيام وأليم المحن ولم تحرز من بطولات الرياضة شيئًا.
وأضاف: "لقد وفقنى الله إلى بعض المساعدات المالية والعينية للاعبى تنس الطاولة والقائمين على هذه الرياضة فى سيراليون من الاتحاد الدولى للعبة - تسدد على دفعات - ليتمكنوا من الوفاء بالاحتياجات الأساسية لاستمرار التمرين المطلوب للاعبين دون توقف تام يضر بوجود هذه الرياضة، كما حرصت على إيضاح أهمية هذه الرياضة وضرورة تقديم العون المطلوب لها لكافة المسئولين السيراليونيين رفيعى المستوى الذين يستقبلوننى لحبهم لتنس الطاولة ولتقديرهم لاسهامى الرياضى بينهم، ويبدو لى حرص الجميع على اعتناق الرياضة وتقديمها إلى أولادهم كبارًا وصغارًا إذا ما أقبلت الحياة على بلدهم ورفعت عنهم بعضًا من آلامها ومحنها العاصفة التى ذهبت بكثير من مقدرات البلد وتركته طريحًا تئن أوصاله فى نور النهار وفى عتمة الليل وظلامه، ولله فى خلقه شئون".
تمر اختبارات الانضمام – بالنسبة إلى الخبراء - إلى الاتحادات الرياضية بمرحلتين متتاليتين وصعبتين، وهما: مرحلة الاختبار كمدرب ومرحلة الاختبار كمحاضر، ويكون على راغبى الالتحاق من الخبراء اجتياز المرحلتين بنسبة نجاح تبدأ من 75% كحد أدنى، وقد أمضى خبير تنس الطاولة المصرى محمد غريب اثنى عشر عامًا مع الاتحاد الأفريقى وثمانية أعوام مع الاتحاد الدولى لتنس الطاولة، وهو يسهم فى نشر الرياضة والأخلاق الرياضية فى بلاد العالم أجمع بحب واقتدار وشرف.
أعجبتنى شجاعة غريب وإخلاصه لعمله وحبه للناس وجده فى الحياة، فلا يرفض عملًا ولا مهمة فى أى بلد، ولو أخافت ظروف بلد ما البعض وأقعدتهم فى بيوتهم حيث يلتمسون الأمن ويعضون الأنامل على ما فاتهم وما قد يحيق بهم من قسوة العيش، فالحياة كفاح وجلد وصبر على المشقة وعلى تقلبات الزمن والظروف وتعلم وتطوير مستمر فى كل يوم من الأيام للاستعداد للغد الجديد بما قد يأتى به من حلو ومر. وهكذا يكون الرجال وتعيش الأمم، حفظ الله مصر ورئيسها ووفقه وقادتها إلى ما فيه الخير.
.