رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

مقالات الرأي

مرحلة ما بعد الحل

 استوقفنى تعبير قاله أحد المحللين بشأن الأزمة السورية، عندما وصفها بأنها أزمة دخلت مرحلة ما بعد الحل، فهل هناك حقًا مشكلة سياسية ما تدخل فى مرحلة ما بعد الحل؟ وإذا كان يجوز مثل هذا القول عن أزمة عمرها خمس سنوات فماذا يمكن أن يقال عن مشكلة الشرق الأوسط وبالذات النزاع حول فلسطين، ألم تدخل هى أيضا مرحلة ما بعد الحل، بمثل هذا المعيار، ثم يأتى السؤال الذى لا مندوحة منه بعد هذا القول، وهو ماذا يحدث عندما تصل أزمة ما إلى هذه المرحلة التى يمكن وصفها بأنها دخلت مرحلة اللا حل؟                                  

ولكى أكون أكثر دقة، فقد جاء ذلك فى معرض الحديث عن المفاوضات بشأن الأزمة السورية، التى طالت بين أمريكا وروسيا، وكيف أن كل ما يصل إليه الطرفان من اتفاق، يأتى الواقع، وتأتى الأحداث الدائرة فوق الأرض، لتقويضه، لأنه رغم أنهما أكبر دولتين فوق الأرض، وأكبر قوتين تحركان الأحداث، فإنهما فى حالات كثيرة، لا يستطيعان السيطرة على مجريات الأمور، التى تتحكم فيها أطراف أخرى، قد لا تكون دائمًا تحت السيطرة، فتحت  أى سلطة أو سيطرة، نضع تنظيمًا إرهابيًا مثل داعش، بل إن تنظيمات أخرى تتبع المعارضة السورية لنظام الأسد، ليست متفقة فى توجهاتها، ولهذا فإن التعبير الذى قاله المحلل الذى يتكلم عن الأزمة السورية بأنها وصلت ما بعد الحل، هو أنها وصلت ما بعد الحل السياسى الذى يتكلم عنه الأمريكيون ويتكلم عنه الروس، ولهذا أقول ماذا بقى إذن؟ بقيت الحرب الدائرة والتى أضاعت أرواحًا بريئة وحولت مدنًا تاريخية ضاربة الجذور فى الحضارة الإنسانية مثل حلب إلى خرائب وأنقاض، فهل لابد لمثل هذه الحرب أن تستمر دون الوصول إلى نهاية، بكل ما تصنعه من آلام ومن أحزان، وبكل ما ينتج عنها من قتلى، ومن أرامل، ومن ثكالى وأيتام ومعاقين، هل لابد أن يدفع الشعب السورى هذا الثمن المرعب الفظيع، نتيجة وجود حاكم يريد أن يبقى على عرش بلاده، فأى عرش هذا الذى لابد أن يقوم على جبال من جماجم الموتى، ومن حوله أنهار من الدم، وسط المناحات وصرخات الألم والعذاب وآهات الاحتضار وحشرجات الموتى.

 عندما أذكر الآن أن الحرب العالمية الأولى (1914-1918) لم تزد مدتها عن أربعة أعوام، والحرب العالمية الثانية (1939-1945) انتهت قبل ستة أعوام بل إنها فى جزء من العالم مثل منطقتنا، انتهت قبل نهايتها فى أوروبا، فقط بعد ثلاثة أعوام، أى مباشرة بعد انتصار الحلفاء فى حرب العلمين أواخر عام 1942، لأن إرادة دولية اتفقت على إنهائها، ولأن طرفا كان لابد أن يعترف بهزيمته باعتبار أن الطرف المقابل قد انتصر، لذلك فلا مندوحة من التفكير الذى ينظر إلى ما يحصل فى عالمنا العربى بلون المؤامرة، التى تدخل فى صناعتها غرف سرية ظلامية، ومنظمات جبلت على العمل التؤامرى مثل الماسونية العالمية، التى تعمل بتنسيق مع الموساد وجماعات صهيونية، لإطالة أمد المحنة التى دخلت عامها السادس دون أن نرى نهاية قريبة لها، لحساب أجندات ومصالح وجهات لم تكن تخفى فى يوم من الأيام عدائها للوطن العربى، ولن نحتاج إلا للسؤال الذى لابد من سؤاله فى مثل هذه الجرائم، وهو من المستفيد مما يجرى؟ لنعرف الجواب.