استهداف الكنائس في مصر
خلال السنوات الماضية، تكررت حوادث استهداف الكنائس في مصر، وكان آخرها التفجير الذي وقع في كنيسة مار جرجس بمدينة طنطا شمالي القاهرة.
وارتفعت وتيرة أعمال العنف في مصر بشكل عام خلال السنوات الأربع الماضية، منذ إطاحة حكم الإخوان المسلمين بعد احتجاجات عليه في يونيو 2013. إن الاستهداف المجرم والجبان الذي طال كنيسة مار جرجس في طنطا ومحيط الكنيسة المرقسية في الإسكندرية، يشكل حلقات متصلة لزعزعة أمن مصر والأمة العربية، والتي تأتي ضمن مسلسل الإرهاب الموجه لنشر الفوضى في مجتمعاتنا الوطنية وضرب وحدتها واستقرارها، ودفعها نحو فتن وانقسامات مجتمعية لا تخدم إلا الأعداء، وفي طليعتهم الكيان الصهيوني الذي يستخدم لهذه الغاية مجموعات مجرمة تعمل بأمرته تحت عناوين كاذبة لا تمت بصلة لأي قيم دينية وإنسانية هدفها الأول هو زعزعة أمن واستقرار مجتمعاتنا، من اجل تحويل دولنا إلى دول فاشلة وهشة يمكن اختراقها وتطويعها لإرادته وإرادة أسياده".
ولم تكن تلك الحادثة هي الأولى التي تستهدف الكنائس، فقد وقعت قبلها العديد من الاعتداءات منذ عهد السادات حتى يومنا هذا،أن الملاحظ أن هناك نقلة نوعية في تلك العمليات الإرهابية، إن التحديات في مجال مكافحة الإرهاب في مصر كبيرة ومعقدة للغاية، خاصة في ظل الاستهداف الذي تعرض لها الجهاز الأمني المصري عام 2011 أننا أصبحنا أمام تطوير نوعي خطير من الجماعات الإرهابية، وهذا يتطلب مواجهة غير تقليدية من قوات الأمن، ويستدعي تطوير الخطط الأمنية القديمة، والتعامل مع التفكير الجديد لتلك الجماعات.
و أهم الهجمات التي استهدفت كنائس في مصر خلال السنوات الماضية: 01- تفجير كنيسة القديسين عشية احتفالات رأس السنة عام 2011 وقع تفجير كبير استهدف كنيسة القديسين، في منطقة سيدي بشر بمدينة الإسكندرية، وقتل خلاله 23 شخصا وأصيب 97 بحسب مصادر رسمية.
02- حادث كنيسة الوراق أطلق مسلحون متشددون النار على حفل زفاف في منطقة الوراق بالقاهرة، مما أدى إلى مقتل 3 أشخاص، وذلك في شهر أكتوبر 2013.
03- تفجير الكنيسة البطرسية في ديسمبر الماضي فجر مهاجم انتحاري نفسه في قاعة للصلاة بالكنيسة البطرسية الملحقة بكاتدرائية الأقباط الأرثوذكس في القاهرة، موقعا 25 قتيلا أغلبهم من النساء والأطفال وعشرات المصابين.
04- تفجير كنيسة مار جرجس في يوم احتفال المسيحيين في مصر بأحد السعف، استهدف تفجير كنيسة مار جرجس في مدينة طنطا أثناء الصلاة، مما أدى إلى مقتل 25 شخصا على الأقل وإصابة العشرات.
5- كنيسة مار مرقس بمحطة الرمل بالإسكندرية قتل 13 شخصا بينهم ضابط شرطة، وأصيب نحو 30 آخرين، في انفجار وقع في كنيسة مار مرقس بمحطة الرمل بالإسكندرية "إن المؤامرة شيء حاضر في التاريخ البشرى عامة، وفى جميع النظم السياسية، والسؤال هو ما حجم المؤامرة في الحدث الحالي وإلى أي حد وصل تأثيرها؟".أن هناك مؤامرة تحاك ضد مصر".
على استخدام مادة متفجرة قوية، يجب أن يتم التدريب على استخدامها من خلال جيش مدرب ومنظم وهو ما وجدناه بسيناء،من أين تحصل تلك الجيوش على المواد المتفجرة. بالتأكيد من دول أخرى داعمة لها تتآمر على سقوط مصر".كان المصلون متجهين إلى دار عبادة وصلاة فيما القتلة يهدفون إلى الفتنة والإساءة إلى حرمة الدين وتدمير المجتمع والأمة وأمن المواطنين وسلامتهم” وان “هذه الجريمة هي استكمال للجريمة السابقة التي ارتكبتها عصابات تنظيم داعش الإرهابي ضد الجيش المصري وجنوده”.
إن العمليتين الغادرتين في كلا من طنطا والإسكندرية جرس إنذار، بأن الإرهابيين والعناصر الموجهة والمأجورة بدأت عهدا جديدا ضد الوطن ولابد من انتفاضة أمنية وعسكرية،وتغيير كامل في الإستراتيجية المصرية لمواجهة الإرهاب.
أن الإرهاب لن ينال من عزيمة مصر ولن ينجح في إيقاف مسيرة البلاد التي انطلقت لبناء مستقبل مصر الواعد أنها لن تثني شعب مصر ولن تفت في عزيمته على المضي قدمًا في القضاء على الإرهاب الأسود، كما لن تنال من وحدته وترابطه لا أذهب بعيدا عن الدعوة لأهمية سلامة وقوة الداخل المصري وركيزته الأساسية الذي تمثله الملايين الذين يمثلون الأرصدة والظهير الشعبي، وأنا أذكر وأجدد الدعوة التي لم أتوقف عن توجيهها للوزراء والمسئولين بعدم التوقف عن تقديم إجابات لعلامات استفهام كثيرة تملأ حياة المصريين، وتقديم معلومات وإيضاحات وتفسيرات حول القضايا المصيرية والأزمات التي تمس أمنهم الحيوي والاجتماعي والوطني.
وضرورة اعتبار هذا التواصل فريضة وواجب، خاصة بعد أن تكاثفت المخاطر والتحديات التي تتحدى قدرتهم على الصمود وأرصدة صبرهم التاريخية وكل يوم يتوالى الكشف عن حجم ما تعرضت له ثرواتهم البشرية والطبيعية من إهدار وتجريف وتبديد ونهب وما افتقدوا من حقوق أمن وحماية وعدالة أن الجماعات التكفيرية تحاول استنساخ بعض التجارب في المنطقة العربية للوقيعة بين مكونات المجتمع المصري، ويعتبر استهداف المسيحيين دليلا على هذه النوايا ، فقد سبق أن نجحت هذه المحاولة في العراق وسوريا ، من خلال استغلال التنوع الطائفي هناك ، بما أدى في النهاية إلى الصدام المباشر مع النظام.
لذلك فإن المواجهة بين الجماعات التكفيرية والنظام المصري ستزداد في الفترة القادمة، أن مسألة عودة الجهاديين أو التكفيريين من دمشق وطرابلس وبغداد أصبحت قضية رئيسية داخل مركز صناعة القرار لهذه الجماعات، وهم يرون في مصر البديل بعد أن انحسارها في الدول السابقة ، معتبرا أن ملف الأقباط سيكون هو الذريعة لهم لإيجاد موطئ قدم في مصر.
ويبدو أن الأقباط في مصر يدفعون ثمن دعم ثورة 30 يونيو والتي أطاحت بحكم جماعة الإخوان المسلمين ، حيث كان للأقباط دور فعال في هذه الأحداث وهو ما التقطته التيارات الدينية المتطرفة واعتبرته أحد مظاهر الحرب الدينية، وكان من نتيجة ذلك تعرض عدة أماكن دينية للمسيحيين في مصر للهجوم ووقوع عشرات القتلى والمصابين.
ورغم حرص القيادة السياسية في مصر على توجيه رسائل سياسية مباشرة وغير مباشرة للأقباط في مصر، فحواها أنهم جزء وشريك أساسي في الدولة، إلا أن تكرار تلك الحوادث، يعطى انطباعًا بان ملف الأقباط في مصر مرشح لأن يكون ورقة التكفيريين في الفترة القادمة للضغط على النظام في الداخل في سياق التضييق عليهم، ورسالة للخارج بأن تيارات الإسلام السياسي لن تسكت على الانسجام الحاصل بين النظام المصري والخارج. وعلى هذا فإن الإرهاب هو عدوُّ الإنسانية وعدوُّ الإسلام ويقصد إسقاط الوطن وإشعال الفتن وضرب علاقة المسلمين بإخوانهم المسيحيين .
ولا يخفى على أحدٍ استهداف الإرهاب للمسلمين والمسيحيين على حدٍ سواء ، ونناشد وسائل الإعلام بعدم تناول مثل هذه الحوادث الإرهابية والجنائية على أنها حوادث طائفية بين أصحاب الأديان، لأن ذلك يعد خطيئة كبرى في حق الدين وفي حق الوطن، وحتى لا يتاجر بها سماسرة الدين والسياسة والإعلام وأعداء مصر في الداخل والخارج لضرب البلاد في أمنها ووحدة نسيجها .
كما نناشد رجال الدين المسيحي وعلماء المسلمين في خطابهم الديني التحذير من نقل الإشاعات والأخبار الكاذبة ونشرها جراء هذه الجرائم البشعة حتى نضيع الفرصة على مرتكبيها، ولا نقع في ففخاخ الفتنة الطائفية. لمواجهة تجار الدين الذين أرادوا خلق فوضى بين فئات الشعب المصري.