أثر برامج التلفزيون المتعلقة بقضايا البيئة على وعى المرأة الريفية
إن المرأة والفتاة لديها قصور بالأمور السياسية ولا سيما فى الفترة الأخيرة نظرًا للتطورات التى تشهدها الساحة المحلية والإقليمية والعالمية من أحداث، وإن التثقيف السياسى لم يعد مقتصرًا على المثقفات فقط بل أصبحت الريفيات البسطاء لديهن وعى سياسى نتيجة للأحداث والمتغيرات السياسية فى الآونة الأخيرة نتيجة متابعتهن نشرات الأخبار والبرامج الحوارية السياسية المختلفة.
- يتضح أن (قوانين المرأة) جاء فى الترتيب الأول من حيث «القضايا القانونية» التى يناقشها البرنامج ويرجع ذلك إلى أن القضايا القانونية تهم المرأة والفتاة بدرجة كبيرة ولاسيما القوانين الخاصة بها سواء «قضايا الأحوال الشخصية وحقوقها» وغيرها من القوانين الشخصية، ثم يأتى بعدها القوانين العمل وحقوقها وكيفية المطالبة بها وحصولها عليها، ويأتى بعدها المواريث والتى تعانى منها المرأة والفتاة ولاسيما فى الصعيد حيث العادات والتقاليد المتعلقة بميراثها من الأراضى الزراعية، وأيضًا حق المرأة فى الدستور ولاسيما الدستور الجديد وانعكاسه على أوضاعها.
إن الوعى بأهمية المرأة ودورها الفعال فى المجتمع أخذ ينمو ويتضح بعد أن وضعت سياسات جديدة إعلامية منذ السبعينيات لتعديل مضمون البرامج وبنائها بأسلوب جديد ومتطور آخذين بعين الاعتبار نتائج البحوث الحديثة فى الاجتماع والإعلام والنقد لمراقبة البرامج حتى تتفق والسياسات الجديدة الخاصة بتسوية أوضاع المرأة الاجتماعية والاقتصادية فأخذت تلك البرامج الحديثة تركز بصورة مكثفة على تحليل الجوانب المختلفة والمضيئة لنشاط المرأة ودورها الحديث فى المجتمع خاصة بعد أن منحتها التشريعات وبصفة خاصة فى بلجيكا حقها الكامل فى العمل والأجر ومساواتها بالرجل وكانت لتلك الصورة الجديدة للمرأة فى وسائل الإعلام خاصة التليفزيونى آثار بعيدة المدى على عمل المرأة وإنجازها فى المجالات الاجتماعية والثقافية والسياسية.
إن الموروث الاجتماعى وعادات المجتمع تحول دون امتلاك المرأة الريفية بعض حقوقها الشرعية والقانونية، فهى إلى جانب أعبائها المنزلية تمارس أعمالًا شاقة كجلب الماء والاحتطاب والفلاحة بالإضافة إلى مساهمتها فى الزراعة والأمن الغذائى، وأهميته فى تأكيد مكانة المرأة الاجتماعية لأن تأثير الصورة التى يعكسها التليفزيون عن واقع المرأة المصرية هو تصوير إلى حد كبير يفتقر إلى الموضوعية فى معالجة قضايا المرأة ومواقفها من قضايا المجتمع بوجه عام حتى بالنسبة للبرامج الدرامية التى تحظى بكثافة عالية بين النساء.
إن الدور الاجتماعى للمرأة ومشاركتها الحياة السياسية والاجتماعية يختلف باختلاف البيئة الاجتماعية وصلاحيتها فى مساندة الأدوار المختلفة، فكلما امتدت جسور الوعى السياسى والاجتماعى فدائما كان العمل بالنسبة للمرأة، فى الريف أو المدينة، فى المنـزل أو خارجه، يعبر على الدوام عن عنصرين رئيسين متلازمين، يؤدى أحدهما إلى الآخر، فهو حاجة اقتصادية تفرضها لقمة العيش، مثلما هو حاجة نفسية تشعر المرأة بآدميتها وكيانها الإنسانى وتلبى رغبتها فى التعبير عن حضورها الفكرى والسياسى، وألا اتباع وسائل غير مشروعة لجأ إليها الرجل (رشوة- تزوير- سرقة - احتيال) أو ترك العمل الوظيفى واللجوء إلى الأعمال الحرة التى لم تكن مضمونة على الدوام وبين هذين المنفذين كان هناك طريق ثالث ظهر إلى الوجود على حياء أول الأمر ثم لم تلبث أن تحول إلى ظاهرة وهى نزول النساء إلى ساحات العمل الحر- الذى كان شبه رجالى- بصورة لافتة للنظر فى محاولة لخلق (الموازنة المقبولة)، حتى بتن يزاحمن الرجال على الأسواق والأرصفة والبسطات فهن يعملن فى مجال بيع الملابس القديمة والسجائر والعطاريات والخضرة والفاكهة وحليب الأطفال والألبان وأطعمة الرصيف والحاجات النسوية من ملابس وإكسسوارات ومواد تجميل وورشات تطريز وخياطة وحلوى الصغار.
إن القنوات الإقليمية الفضائية من أهم القنوات بالنسبة للأقاليم التى أنشئت من أجلها؛ حيث يعد الهدف الأساسى من إنشائها هو خدمى تنموى؛ وذلك بهدف خدمة المجتمع وتنمية أفراده فى كافة المجالات وذلك بتقديم المعلومات من خلال البرامج المقدمة للمرأة.
وفى هذا الإطار ونظرًا للدور الذى تقوم به وسائل الإعلام بقنواتها المختلفة فى تنمية وتوعية المرأة فضلًا عن خصائص وسائل الإعلام ومميزاتها بما تحدثه من تأثير على الفرد مما يؤدى إلى تغيرات فى المجالات السلوكية والانفعالية والمعرفية والنفسية والاجتماعية، وبالتالى فعند الحديث عن الإعلام والمرأة لابد لنا من معرفة الآليات التى تتمكن من خلالها وسائل الإعلام من تنمية المرأة والفتاة الصعيدية والمساهمة فى تمكينها.
وانتشرت جذور الثقافة والفكر زادت درجة مشاركة المرأة فى المجتمع ورسخت فى العقول، وأصبحت من مسلمات الحياة الاجتماعية.
إن للإعلام التليفزيونى خاصة دور كبير فى تأكيد هذه الانطلاقة الجديدة وتنمية الوعى الفكرى إلا أنه يمكنه تحجيم هذا الدور وإعاقة أهميته وتأثيراته الاجتماعية والثقافية والسياسية، وذلك إذا أصرت أجهزة الإعلام على تقديم صورة مناقضة للواقع الاجتماعى والثقافى للمرأة، فالتناقض فى الرؤية بين الواقع الفعلى الذى تؤكده البحوث العلمية فى المجالات الاجتماعية المتعددة وعدم الإتقان فى عرضه فى مضمون وسائل الإعلام، فيمكن أن يؤدى ذلك إلى ظهور العديد من السلبيات الاجتماعية وبصفة خاصة السلوكية المعوقة لحركة المجتمع الاقتصادية والسياسية والثقافية.
إن هناك علاقة ذات دلالة إحصائية بين معدل الاعتماد على وسائل الإعلام المختلفة ومعدل حجم المشاركة السياسية وعدل حجم المعرفة السياسية لدى الشباب، ومستوى الوعى السياسى كان متوسطًا بين الشباب بناءً على العينة التى تم أخذها، ويعتمد الشباب الجامعى على التلفزيون بالدرجة الأولى ثم الصحف ثم الراديو فى متابعة المواد السياسية.
من المفترض أنه مع التقدم الصحى تنخفض معدلات الإصابة بالأمراض خاصة فى الريف، لكن ذلك لم يحدث (على الرغم من ارتفاع العمر المتوقع عند الميلاد لكل من الذكور والإناث) إذ زادت الأمراض خاصة أمراض إلتهاب الكبد الوبائى (فيروس سى)، والفشل الكلوى، وأمراض السرطان وأمراض الجهاز التنفسى، والضعف الجنسى وغيرها من الأمراض حيث سجلت مصر المرتبة الأولى على مستوى العالم فى الإصابة بها، وترتفع نسب الإصابة بهذه الأمراض بالريف أعلى من الحضر، ولعل أحد أسباب ارتفاع معدلات الإصابة بهذه الأمراض ناتج عن التلوث البيئى بكافة صوره وأشكاله فى الريف المصرى، خاصة المجارى المائية من الترع والمصارف والتى أصبحت المكان المفضل للتخلص من الحيوانات والطيور النافقة، وصرف مجارى البيوت فيها، وإلقاء علب المبيدات الفارغة وغيرها من المخلفات، حتى أصبحت مصدرًا للإصابة بالعديد من الأمراض، ولعل المسئولية فى ذلك مشتركة بين الريفيين والمسئولين سواء من حيث انخفاض الوعى البيئى لدى الريفيين بخطورة مثل هذه الممارسات، وعدم توفر البدائل لديهم للتخلص من المخلفات، ثم غياب الرقابة الحكومية بل انتهاء دور الدولة خاصة بعد ثورة 25 يناير والغياب الكامل للدولة فى كافة مناحى الحياة، ثم التلوث الناتج عن الإفراط فى استخدام المبيدات والأسمدة الكيماوية والمخصبات ومنظمات النمو والهرمونات، إذ أصبحت الزراعة المصرية حقل تجارب ومستباحة لاستخدام العديد من المبيدات المحرمة دوليًا، وقد تزايد ذلك أيضًا فى ظل الغياب الكامل لدور الدولة بعد ثورة 25 يناير من الرقابة على أسواق الاتجار فى مستلزمات الإنتاج الزراعى، ونتيجة لذلك زادت الأمراض الخطيرة وأصبحت تهدد صحة المصريين، إضافة إلى التأثير السلبى على الصادرات المصرية من الخضر والفاكهة بسبب تجاوز الحدود المسموح بها فى نسب المتبقيات من المبيدات والأسمدة الكيماوية، ولو أفرطنا فى الحديث عن التلوث وصوره ومصادره فى القرية المصرية والآثار المترتبة عليه لاحتاج الأمر إلى جلسات وجلسات، ولكن تلك لمحة سريعة عن التلوث البيئى فى القرية المصرية وأثره على صحة الريفيين.
إن جزءًا من مصادر تلوث البيئة الريفية يرجع إلى أساليب التخلص من المخلفات الزراعية والتى تكون إما بالحرق أو الرمى فى المجارى المائية أو غيرها، على الرغم أن هذه المخلفات ثروة قومية لو أحسن استخدامها وتدويرها، لإنتاج أسمدة عضوية (الكمبوست) بدلًا من الإفراط فى استخدام الأسمدة الكيماوية مرتفعة الثمن وتسبب أضرار صحية كبيرة، كذلك إنتاج أعلاف غير تقليدية مثل السيلاج وغيره، وكل ذلك من السهل أن يقوم به المزارع المصرى وبأقل التكاليف ولكن غياب الرؤية وضعف الإرادة، وسوء الإدارة هما السبب فى ذلك، على الرغم من توفر كل مقومات الاستفادة من المخلفات وتدويرها، بما يقلل من مصادر تلوث البيئة، ويحقق عائدًا ماديًا عاليًا للمزارع.