ما هى عاصمة مصر يا ريس؟
الفرق بين القاهرة وغيرها من المحافظات فرق كبير، وإن لم ترق لنا القاهرة بزحامها وضجيجها وقلة نظافتها، بل إن الفارق بين القاهرة وأطرافها أو ضواحيها شاسع، كأن تلك الضواحى بلا صاحب وبلا مسؤول عنها، فشوارع ضواحى القاهرة شوارع ترابية ولا يزيد عرضها على مترين بالكثير، ولا يردع النظام العام فى تلك المناطق إلا القليلين، أما الكثيرون فلا قيود على سلوكهم، فيبنون العمارات الأهلية غير المطابقة للمواصفات ويفتتحون المحال حيث لا ينبغى أن تكون هناك محال تجارية، ويفترشون الشوارع الضيقة ببضائع محالهم ليقطعوا الطريق على المارة ويزيدوا من اختناق الحياة على الناس، والكبارى ذات الاتجاه الواحد قى تلك المناطق تعج بالمارين فى كل اتجاه صعودًا وهبوطًا بلا نظام ولا أمان، والتوك توك يسير فى كل اتجاه طولًا وعرضًا بلا حياء، كأن المرء انتقل إلى غياهب الأرياف أو أعماق الصعيد الذى لم ير حياة بعد.
فإذا كانت القاهرة فى وضع أحسن، فلماذا لا نحاول أن نتيح الفرصة للمحافظات الأخرى لعلها تصبح أفضل؟ فلا شك أن الاهتمام يحرك الراكد والساكن ويبث الحياة والخوف فى الهمم الخربة التى لا ضمير لها، ويبعث الأمل فى الهمم الضعيفة.
من المشين أن يقتصر اهتمام الوطن على مدينة واحدة – لكونها العاصمة– فيبقى فيها الحاكم ويبقى فيها الوزراء ويستضاف فيها الضيوف من كل حدب وصوب على اختلاف قاماتهم ومقاصدهم، وخاصة العظماء منهم، بينما تبقى بقية أجزاء الوطن فى عالم آحر من المعاناة والتقهقر، كما لو كانوا يتبعون بلدًا أو بلادًا أخرى.
إننا ندرك أن التقدم والصحة والنماء لا يصبحون كذلك إلا إذا أصابوا الجسد كله وليس بعضه أو جزءًا منه، فالجزء المريض أو المعتل من الجسد يجعل من الجسد كله مريض دون نقاش أو جدل طبعًا، فمن كانت ذراعه مريضة فهو مريض، ومن كانت قدمه مريضة فهو مريض، ومن كانت رأسه أو عينه أو أذنه مريضة فهو مريض، فإذا آمنا بذلك، وجب علينا تدبر السبل التى تجعل من جسد الوطن قوة وتبث فيه الصحة والنماء والرخاء.
فلنجعل من كل محافظة فى مصر عاصمة لمصر – إذا كان سر النماء والاذدهار يكمن فى تلك الوضعية- ولو لبضعة أشهر قليلة. بضعة أشهر تصبح فيها إحدى محافظات مصر – خلا القاهرة– عاصمة لمصرنا، فيمكث الرئيس – ولو لبضعة ليالٍ قليلة– ويستضيف فيها ضيوفه، ويقيم فيها مناسبات الوطن واحتفالاته، ويتريض فيها بدراجته، ويعقد فيها اجتماعات الحكومة، ويسير فى شوارعها ويأكل فى مطاعمها، ويتسوق من محالها، وعندما يغادر الرئيس تلك المحافظة، ستكون محافظة مختلفة عما كانت عليه، وستكون أجمل وأرقى وأكثر استعدادًا للعمل من أجل أن تصبح أفضل وأرقى.
إن يدًا واحدة لا تصفق – كما يقول المثل– فلماذا لا نشرك الجميع فى المسؤولية الوطنية؟ إن الكثيرين تراجعوا والكثيرين يتراجعون عن كل ما له صلة بالعمل الوطنى، لاعتقادهم أنهم مقصيون وأنهم محرمون وأن الرخاء معقود بناصية بقعة معينة فى الوطن دون غيرها، وإن كان ذلك غير صحيح فالوطن والخير والنماء والتقدم لكل أبناء الوطن دون تفضيل، وعلينا أن نثبت ذلك كل يوم عملًا لا قولًا، لأن الحياة عمل وليست قولًا، ولهذا الغرض، لماذا لا تعلن الدولة عن مسابقة لكل محافظات مصر لرؤية أجمل محافظة خلال ثلاثة أشهر من إعلان المسابقة؟ وفى نهاية الشهور الثلاثة يعلن الرئيس السيسى عن المحافظة الأجمل محافظة لمصر لمدة ثلاثة أشهر كاملة، وتتم معاملة المحافظة الأجمل على هذا الأساس، أى على أساس أنها محافظة مصر، فيعقد فيها الرئيس اجتماعاته مع ضيوفه أو مع بعضهم – بحسب الحال– وتقام فى تلك المحافظ المؤقتة كل المظاهر اللائقة بعاصمة مصر من معارض فنية وثقاقية وصناعية وتجارية ويدعى إليها الداخل والخارج وتقدم احتياجات هذه المحافظة أيضًا على قائمة أولويات المشاريع القومية.
لماذا تحتفظ القاهرة بموقع العاصمة كحقيقة مسلم بها بلا سبب، بينما تبقى بقية محافظات مصر درجة ثالثة وبلا سبب أيضًا؟! حفظ الله مصر ورئيسها ووفقه إلى الخير كله.