عندما تموت الفضيلة
تعيش مصر حالة جديدة عليها، يكسوها الحزن ويملؤها الأسى، بعد أن شيعت عزيزًا عليها وقريبًا وحبيبًا لديها، كانت تحيا به وتتعامل بمقتضاه وتتحاكم إليه وترضاه أتعلمون من؟؟؟؟!!!
إنها الأخلاق يا سادة إنها القيم يا جماعة إنها الأعراف التي قبلناها والعادات الطيبة التي ورثناها.
يا خلق... إنها الفضيلة التى ضاعت حين توارى الضمير، حين انعدم الخوف من الله.. فها هو ذا.. عالم الإنسان، يعود ثانيًا إلى الجاهلية، إلى عالم الغاب، الذى تحكمه الغريزة الشاذة التى تؤكد على ردة الإنسان من جديد.. إلى حيوانيته الأولى.
إلهى... هل بعد القرآن شيء؟؟ هل بعد الحكى عن قوم لوط شيء؟؟؟ أين القرآن يا أهل القرآن على أرض المحروسة؟؟ّ!!!!!!!
واااااااااااااااااااا مصيبتاااااااااااااااااااااااااااااه.
وااااااااااااااااااا محمدااااااااااااااااااااااااااااااه.
وااااااااااااااااااا فجيعتااااااااااااااااااااااااااااااه.
حين ينتزع الإيمان بالله، بأهم ركائزه، وهى احترام الإنسان وآدميته، الحفاظ على أهم حرمات الله على الأرض، من فوق أرض التوحيد... أرض أخوال النبى عليه الصلاة والسلام.. أرض مراقد آل بيت النبى عليه الصلاة والسلام.
أى كفر بواح؟؟؟؟؟ يرفع شعاره اليوم؟؟
أى صمت؟؟ ذلك الذى يقابل تلك الجريمة الشنعاء على أرض الرسالات والرسل والأنبياء؟؟؟؟!!!!!
أى حرية بأى ضمير يستبيح؟؟!!!!... وأى مسئولية وأى أمانة؟؟؟؟ وأى ضمير لا يتصدى؟؟!!!!
حقيقةَ... شيعت مصر الأخلاق إلى مثواها الأخير لترقد ولتستريح من بعد طول صراع وأنين وحنين، من بعد نزيف آلم عانت منه لسنوات نتيجة لتعرضها لضرب موجع بل قاتل، فقدت منه وعيها وتنازلت عن مكانها ووظائفها التي لا يستغنى عنها البتة مهما بلغ العصر من المدنية أو التقدم.
ماتت الأخلاق بعد أن أعياها المرض ووصل إلى منتهاه وتمكنت منها الجراثيم والفيروسات وانتشرت حتى أفقدتها حركتها إلى الأبد.
كان هذا وللأسف في وسط حالة من الذهول والتغييب والتقليد والانقياد الأعمى والتجرد من المعاني التي تدفع إلى الأمام وتنفع بني الإنسان...
كل هذا وللأسف في أجواء غريبة ومريبة ومخيفة!!!!!!!!!!
نعم ماتت الأخلاق دون أن نسمع نحيبًا لفقدها، دون أن يصل لمسامعنا صراخها رغم شدته وقوته لفراقها دون أن نسمع توعدًا وتهديدًا أو محاربة ومواجهة لقاتليها كل ذلك على كثرة مشيعيها...!!!!!!
وُئدت الأخلاق لنتحمل جميعًا ذنبها والانفضاض من حولها وتركها تلقى حتفها وسط حالة من الصمت التام بل الخزي المبين.
أشعر أننا فى حالة مأتم كبير.... معنى ضياع الأخلاق... ضياع الدين، فما الدين إلا أخلاق، فما بعث نبى الرسالة صلى الله عليه وسلم إلا من أجل الأخلاق «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».
الأخلاق التى يندرج تحتها شعار الإنسانية، بكل ما تحمل ما معانٍ وشيم تميز الإنسان عن سائر الخلق.
ما هى الردة الغريبة إذن.. التى لم تكن هكذا عن مجرد الإنسانية أو الأخلاق؟؟؟
لن أتجمل فى حديثى... ماهى هذه الردة عن الإسلام؟؟؟
حدثنا القرآن عن قوم لوط الذين خسف الله بهم الأرض ليكونوا لنا عبرة... معنى ذلك أننا نعيد التاريخ الأسود؟؟ نسمح له بتلك المساحة، إذن نحن نطيح بتعاليم القرآن، ومن يدرى بما سوف نطيح بعد ذلك؟؟؟ بعد أن فرطنا فى الكثير منه، «لا حول ولا قوة إلا بالله.. إنا لله وإنا إليه راجعون».
لقد ترك ذلك المأتم بالنسبة لنا، الذى كان حفلًا بالنسبة لهم.
ترك فينا أثرًا بالغًا وشرخًا عظيمًا ووجعًا شديدًا أفقدنا توازننا وقطع أواصرنا ومزق عرانا وجردنا من كل معنى جميل.
صحيح أن إشاعة مغرضة قد انتشرت في الآونة الأخيرة كانتشار النار في الهشيم بعودة الروح للأخلاق وظهورها من جديد في معاهد العلم ومراحل الدراسة ومناحي الحياة، ولكن سريعًا ما أيقن الجميع أنها خدعة ووصمة عار في جبين الأمة.
ويؤسفني أن أقول إننا جميعًا تركناها ولم نعبأ بهجرانها، بل من المخزي أن منا من شيد الأفراح لفراقها!!!!!!! حتى كانت الكارثة التي أطلت علينا هذه الأيام!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
ورأينا حالة المجتمع عندما يفقد الأخلاق ورأينا أكبادنا التي تمشي على الأرض وهم يغتالون من فوقهم ومن أسفلهم ومن تحت أرجلهم وهم يجردون من تراثهم وميراثهم وعاداتهم وتقاليدهم ومن كل شيء عزيز وغالٍ لدى مجتمعهم.
وهم يخدعون بالشعارات الكاذبة والكلمات المزيفة وأصبحوا لقمة سائغة يلتهمها أعداء الإسلام والعروبة، وهم يتنازلون عن فطرتهم وعقيدتهم وعروبتهم.
وهم يجرون إلى مصير مجهول يطمس شخصيتهم ويميت رجولتهم ويمسخ هويتهم حتى أصبحوا سلعة رخيصة في أيدي المتلاعبين بهم.
أقول ذلك وأنا لم ولن أتعاطف معهم، لأن تربيتهم وبيئتهم بل ميوله – لو كانت صحيحة– الشاذة غير الطبيعية هى التى قادتهم لذلك لأنها لو كانت سوية ما كان لأحد أن يحاول مجرد الاقتراب منهم والعبث بهم أو معهم؟
يحدث هذا ويزيد عندما نتنازل طواعية عن أنفسنا ونصير دمية تحرك نحو الطريق المسدود...
عندما رأينا أعلام الخسة والانتكاسة وهي ترفرف فوق رؤوس أبنائنا بألوانها الباهتة وشكلها الذميم القميء!!!!!!!
تمنينا أن تعود الأخلاق عندما رأينا أبناءنا وهم يضيعون من بين أيدينا استرجعنا الماضي الجميل بما كان فيه من قيم ومبادئ.
واسمحوا لي أن أقول ماذا كنتم منتظرين؟؟؟؟!!! من وأد الأخلاق واغتال الفضائل ومسخ شخصيتنا سوى هذا التدني الذي لم نره من قبل؟
من المخيف أن أصواتًا لم تكن أبدًا خافتة، ولا قليلة قالت معلقة عما جرى فى تلك الحفلة المشئومة، عبارة تحمل معنى خطيرًا، وتنبئ بمصيبة محققة، وهى «سيبوا الشباب ينطلق».
أيها السادة إن هذه الكلمة تحمل فكرًا منحرفًا واتجاهًا لا ينم عن خلق ودين، إنها دعوة بل هى تحريض على الخروج عن التقاليد والمبادئ، والأخلاق والشرف الذى يضرب بجذوره فى مجتمعاتنا الشرقية.
كما أنها مدعاة لقضية أخرى، وهى قضية الحرية، التى يصورها أصحاب الدعاوى المريضة بأنها حق يبيح للإنسان أن يحطم القيم، ويكسر المبادئ، ويلقى بالأخلاق فى مزبلة التاريخ بل تبيح له، هذه الدعوة أن يجلس مكان الرب «لا يسأل عما يفعل».
لتكون هذه هى الإشكالية الحقيقية باستخدام المعانى المغلوطة للحرية بأسوأ صورها، لتكون هكذا فى أسوأ صورها.
هذه مسألة فى منتهى الخطورة لم تجلب على البشرية إلا الهلاك والدمار والأمراض النفسية والبدنية والاجتماعية، وليس معنى هذا أن الحرية كلمة ليس لها مدلول، وليس لها وزن فى ديننا الحنيف، بل إن الحرية فى دينننا حياة، ولكن حياة تتوافق مع الفطرة الإنسانية التى جبل الله عليها الخلق وأقام الناس.
أيها السادة....
إن الإسلام هو دين الحرية، فمن الذى حرر العبيد وأطلق سراحهم وسوى بينهم... فلا اعتبار للون ولا نسب ولا مكانة، ثم من الذى سوى بين الأبيض والأسود والأحمر ولم يجعل فارقًا بين بنى الإنسان....؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
إنه الإسلام ...............................................
بل من الذى حرر الإنسان من عبودية الأوثان والخوف من مظاهر الطبيعة؟؟؟
إنه الإسلام...........................................
من الذى حرر الإنسان من...... وجعل له إرادة فاعلة وعقلًا يفصل فيه بين الحق والباطل ويرجع إليه فى كبريات القضايا وعظائم الأمور...؟؟؟؟؟؟؟؟؟
إنه الإسلام.............................................
إن الحرية لا يمكن أن تفهم إلا بقيود، بحيث لا تخرج عن مقتضيات الفطرة وطبيعة الخلقة ورسالة الإنسان فى هذه الحياة ووظيفته التى خصه الله تعالى بها على الأرض.
إن ما حدث من جذب لما يزيد عن 20 ألفًا من المراهقين والمراهقات، وحضهم على الفجور ودفعهم إلى الرذيلة دفعًا، وتهيئة أجوائها وتحببيها إليهم أمر لا يمكن أن يرتضى، ولا يقبل السكوت عليه.
إن ما حدث في حفل «ميوزيك بارك» من فرقة «مشروع ليلى» التي يقودها شخص مضطرب المزاج منحرف الأخلاق أمر لا ينبغي أن يمر مرور الكرام بل لابد أن يدق له ناقوس الخطر، ويعاد النظر من أجله في جميع سبل التربية والتوجيه والتعليم والأكثر من ذلك في استدعاء المقررات الدينية التي تقوي الوازع الأخلاقي والضمير الإنساني الحي الذي لا يقبل الدون ولا يستسلم للانحراف.
إن إعادة سلم القيم حياة..... دونه الموت والهلاك.
ومصر بلد تقدس الشرف وتعلي من قيمة العفة وتصون حمى أبنائها وتعرف للأسرة شكلها ومعناها ودورها وتستطيع أن تتخذ التدابير الوقائية اللازمة لمواجهة هذا الباب الذي يطل منه الهلاك والدمار والخراب.
وليس الأمر مقتصرًا على المحاسبة والعقاب وإنما ينبغي أن يتطرق إلى إعادة التشكيل والبحث عن مصل يقي أبناءنا من غول الانحراف وطاعون هذه الأيام.
إنا لنا دين يحمينا ورب يهدينا وأمة ترعانا وتربية تعصمنا من الزلل.
وما أجمل أن تستغل طاقات الشباب وتفجر فيما يعود عليهم بالنفع فى حياتهم العامة والخاصة.
أعود وأقول... إنه الفراغ.. إنه عدم المسؤولية... هو غياب التربية... والتوجيه فى كل مكان... هو سقوط القدوة فى البيت والمدرسة وبالأخص الإعلام... الذى دق المسمار الأول فى نعش سقوط الأخلاق بانتفاء الحياء... وعدم احترام الكبير فى أى مكان كان.... وما أسفر عنه من ضرب الهوية المصرية والتفسخ المجتمعى الخطير الذى حذرنا من تهديده لأجيال كان يجب علينا أن نشد عليها.
فما أخطر مما نحن فيه؟؟؟ الآن!!!!! من مؤامرة أو إرهاب.. حتى يكون مدعاة.. حتى تقوى أيدينا فى التربية.
وإذا كان الواجب يقتضى منا أن نضع المسؤول عن هذه الجريمة الأخلاقية والاجتماعية أمام المحاسبة التى تتناسب مع طبيعة الجرم الذى ارتكبه.
فإن الأمر يقتضى ويستوجب أن ينهض كل مسؤول فى مجتمعنا بأعبائه.
أكرر أين الأسرة.. أين الأمهات؟؟؟ أين الآباء؟؟؟ أين المدرسون فى المدارس؟؟؟ أين الإعلام الذى يجب أن يساند الدولة فى حربها الكبرى التى يخوضها؟؟؟!!!! وما أصدق ما قاله الحبيب صلى الله عليه وسلم «كلكم راع وكل راع مسؤول عن رعيته».
بسم الله الرحمن الرحيم:
﴿رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ﴾.... سورة الفرقان.