لبن مصر المبستر
كان هذا العناون «لبن مصر المبستر» عنوان إعلان شركة مصر للألبان والأغذية منذ عشرات السنين الطيبة التى مرت على مصر.
كان الإعلان الجميل منشورًا فى إحدى الجرائد المصرية اليومية، وكانت بيانات الإعلان تتضمن كافة المعلومات الهامة التى يمكن للقارئ أو المشترى أن يحتاجها فى هذا الشأن طبعًا.
فتضمن الإعلان صورة لزجاجة اللبن التى تحمل شعار مصر للألبان، وذكرًا لسعر النصف لتر لبن وهو 35 مليمًا «خمسة وثلاثون مليمًا، أى ثلاثة قروش ونصف فقط لا غير» وبيانات شركة مصر للألبان وصورة لأم وطفلها وتنبيه للمشترى إلى أهمية مراعاة الغطاء الأزرق لزجاجة اللبن الجميلة والذى يؤكد على أنها منتج شركة مصر للألبان وليس مقلدًا.
والسؤال: لماذا اختفى هذا المنتج المصرى الجميل ولم يعد ينتج بشكله القديم وجودته القديمة الجميلة التى ورثناها؟
كنا حتى السبعينات نرى هذا المنتج مع موزعى شركة مصر للألبان الذين يجوبون الأحياء جميعًا ويبيعون المنتج إلى الناس مباشرة - وهم يرتدون زيًّا يحمل شعار الشركة وباستخدام كارتات تحمل شعار الشركة - ويقدمون مظهرًا طيبًا وحضاريًا.
كانت مصر للألبان والأغذية تنفع الناس وتساعد الدولة فى حصار الأمراض والحد منها وتعليم الناس أن يقبلوا على ما هو جيد من المنتجات وأن يتحاشوا ما هو غير مطابق للمواصفات وغير ملتزم بالتعليمات الصحية، فلماذا اختفى هذا المنتج واختفى موزعوا شركة مصر للألبان واختفت شركة مصر للألبان بزيها؟
كانت مصر للألبان تحقق شعار الزعيم الراحل جمال عبدالناصر «كوب لبن لكل طفل»، وتم تأسيسها فى عام 1956 – فى بداية النهضة الصناعية التى شرعت فيها البلاد فى حينه– وراحت تنمو وتتطور فى بنائها حتى ضمت 9 مصانع «تسعة فقط»، ومركزا للتدريب و60 مركزًا «ستين مركزًا فقط» لتجميع اللبن من المنتجين فى أنحاء البلاد والقيام ببعض مراحل البسترة قبل الوصول إلى المصانع.
وكانت الشركة تنتج منتجات أخرى مثل الجبن والأيس كريم، وكانت هى الشركة الوطنية الوحيدة التى تعمل فى هذا المجال لسنوات طويلة.
أين الشركة الوطنية لإنتاج الألبان والأغذية؟ ولماذا لم نطورها ونحدثها لتعمل بشكل أفضل ونحفظ تلك القيمة الوطنية الصناعية الكبيرة لتعيش وتزدهر؟
لماذا نهمل كل قيمة قديمة؟ من عمود الإنارة إلى أكبر شيء وننزعه ونلقى به إلى سلة المهملات؟ إن المجتمعات المتحضرة تحتفظ بكل شيء قيم وتصونه وتطوره، لأنه جزء من روح المجتمع، ولا يصح التخلص من القديم القيم واستبداله بجديد ضعيف ومكلف وربما غير مناسب، ولما نترك كل ما هو قيم ينسل من بين أصابعنا إلى مصاف الموت والنفوق دون أن نبذل الجهد للحيلولة دون سقوط بعض من إنجازاتنا الوطنية التاريخية الهامة؟