الزمن ودلالة النصّ «35»
تقودنا عملية البحث عن إجابةٍ إلى محاولة عدم الاقتراب من تعريفات ابن سينا والكندى وابن رشد وابن منظور، وأيضا ابن الأثير وكانط وأرسطو والقديس أوغسطين، وكذلك هرقليطس وأفلاطون وغيرهم من الفلاسفة والمفكرين، لأن هذا سيجرّنا إلى البحث عن حقيقة هذا التعريف من ذاك، واقترابه من مخيّلة المنتج وأهميته فى صناعة وتخليق النصّ.. لأن الزمن الفلسفى واحدٌ من أهم المستويات السردية، التى تُعطى دافعًا للمؤلّف كى يجنح بالموضوعة والفكر إلى احتواء الإشكاليات والصراعات وحتى الفعل الدرامى.. وإذا ما عدنا إلى أهمية الفلسفة فى البنية الكتابية، أو الحيثيات التدوينية التى تتطلّبها عملية إنتاج النصّ السردى، فإن للفلسفة حضورها، إذا اجترحنا ستة مستويات سردية لأى نصّ أدبى منها المستوى الفلسفى، كونه واحدًا من أهم المستويات السردية، التى تتمتع بها بنائية النص، وهذه المستويات تشكّل البنية الكتابية التى تحتوى عملية التدوين للفكرة أو الحكاية، وكيفية السير على خطاها لإنتاج النص الأدبى، ولذلك فإن هذا المستوى هو مستوى يمنح الزمن القدرة على طرح السؤال الفلسفى أو الجملة الفلسفية فى النصّ.. فالكثير من النصوص السردية تعالج فكرتها بطريقة فلسفية، ولكن هذه الطريقة تحمل معها زمنها، وهو دائمًا زمنٌ مخبوءٌ بين طيّات الجملة ذاتها، التى يضعها المنتج فى المتن السردى.. والزمن الفلسفى يختلف عن الزمن الافتراضى، الذى يعنى بكلّ النصّ، فى حين هذا الزمن يعنى بالجملة الواحدة التى تُعطى أكلها.. ولهذا فإن العلاقة بين الزمن الفلسفى والمتن، تخضع لقدرة المنتج على أن يُعطى مثلًا فلسفية بزمنٍ يحتاج إلى روحٍ فلسفية.. مثلما يُعطى حكمةً فلسفيةً تخضع ليساق التراتب الزمنى فى النصّ، رغم أن الكثير من المنتجين يضعون المستوى الفلسفى فى متن الحوار، وليس فى متن النصّ الذى يحتوى على المستويات الأخرى، كالمستوى التصويرى أو الإخبارى وحتى التحليلى، الذى هو أقرب الى المستوى الفلسفى، لأنهما يحتويان على روح الزمن فى داخله.