المصريون ضلوا الطريق إلى غرب أفريقيا!!
جاءت جولة الرئيس عبد الفتاح السيسي الخارجية لزيارة غينيا وكوت ديفوار والسنغال غرب أفريقيا، متوافقة مع بدء تولي مصر رئاسة الاتحاد الافريقي عام 2019، لتعيد دفء العلاقات بين مصر وهذه الدول بعد أن توقف رؤساء مصر عن زيارة غينيا خمسة عقود، وعن السنغال ثلاثة عقود ، فيما تعد زيارته لكوت ديفوار الأولي من نوعها لرئيس مصري.
وترجع أهمية استعادة تلك العلاقات مع هذه الدول الي أنها تطل جميعا علي المحيط الاطلسي ولديها شواطئ كبيرة يمكن أن تقوم مصر بتوقيع اتفاقيات صيد معها في المياه الدولية بعد مراعاة حدودها الاقليمية التي حددها القانون الدولي بنحو 200 ميل، نظرا لان مصر تمتلك أسطول صيد بحري يعمل به نحو مليون ونصف المليون نسمة، ولديها قلعة لصناعة سفن الصيد في رشيد، إلا أن بيع هذه السفن قاصر علي الأشقاء الليبين، نظرا لأنها لا تستطيع الخروج من المياه الاقليمية لمصر لعدم وجود اتفاقيات صيد مع الدول الأخري، ولابد من فتح باب للتواصل بين هذه الدول والسفن المصرية للسماح لها بالصيد في مياهها.
الأهم أن وزارة التعاون الدولي سبق وأن أعدت دراسة منذ اكثر من خمسة عشر سنة عن كيفية الانفتاح علي السوق الأفريقية، أكدت خلالها علي ضرورة انشاء معارض دائمة للسلع المصرية على مدار العام، في بعض دول غرب أفريقيا، تكون بوابة لنفاذ المنتجات المصرية إلى باقي الأسواق الأفريقية بريا، ولكنها لم تنفذ تلك التوصيات حتي الآن وحان موعد تنفيذ تلك البرامج .
وإذا كانت الطرق قد مثلت حائلا كبيرا في التواصل بين الدول الأفريقية، طوال العقود الماضية نتيجة افتقارها لطرق برية تربطها ببعض، واقتصار التبادل التجاري بينها علي الموانئ البحرية، فان افتتاح الطريق الدولي الذي يربط رفح شرقا بالسلوم غربا، امرورا بمحافظات الاسكندرية والبحيرة وكفر الشيخ والدقهلية ودمياط وبورسعيد وصولا الي شمال سيناء، جعل تصدير اي منتج من هذه المحافظات للخارج أمر يسير.
اضف الي ذلك محور روض الفرج السلوم المزمع افتتاحه خلال العام الجاري الذي سيختصر المسافة بين القاهرة والحدود الليبية الي 600 كيلو متر يمكن قطعها بسهولة خلال خمسة ساعات بالسيارة، ثم الاستمرار في السير لمسافة 3 الف كيلو متر داخل طريق سريع حتي شواطئ المغرب العربي علي المحيط الاطلسي مما سيجعل حركة التجارة سهلة ورخيصة ومنتظمة مع هذه الدول ، بعد أن كانت قاصرة علي كبار المصدرين.
ان التطور الحضاري لهذه الدول لا تنكره العين ، غير أن المواطن المصري عرف طريقه الي الدول الأوربية والي دول الخليج ولم يعرف طريقه للدول الأفريقية، التي كانت وستظل أهم سند للقضايا المصرية والعربية في المحافل الدولية، وحان الوقت لفتح صفحة جديدة من العلاقات الاقتصادية والسياسية معها.
ولعل من نافلة القول ان هذه الدول تشهد حاليا طفرة في مشروعات البنية الأساسية يمكن تفتح بابا لعمل الشركات المصرية، ولكن يظل التحدي الأكبر في كيفية تنظيم العلاقة الوليده مع هذه الدول، فقبولهم بالتواجد المصري لن يكون بهذه السهولة، لأنهم تعودوا علي التعامل مع الشركات الفرنسية، ولديهم جاليات كبيرة من أهل الشام وهم أصحاب خبرة عالية في التجارة، وهناك منافسة شرسة مع الشركات الصينية، الأمر الذي يحتم علي وزارة الخارجية تنظيم دورات تدريبية لكل من يرغب في السفر للعمل هناك، سواء ضمن فريق عمل احدي الشركات المصرية ، أو من خلال عقد عمل مع أي شركة أجنبية ، تتضمن شرحا لطبيعة شخصية سكان تلك البلاد، والسلوكيات التي يجب أن يلتزم بها المواطن المصري حفاظا علي سمعه بلاده، وعلي سمعه العمالة المصرية.