محفوظ.. الجانب الآخر
كثيرة هى المعلومات التى يعرفها القارئ المصرى والعربى عن نجيب محفوظ، إلا أن هناك جوانب فى حياة أى أديب تظل مجهولة لا يعرفها سوى من اقترب منه، لأنها جوانب شخصية قد لا تظهر فيما يكتب.
وقد أتاح قربى من هذا الأديب الفذ، ومحاورتى إياه أكثر من مرة، وزمالتى وصداقتى لسكرتيره وكاتم أسراره الحاج محمد صبرى السيد، أن أطلع على بعض هذه الجوانب الخفية فى شخصية أديبنا الكبير، واستوقفتنى خفة ظله وضحكته المجلجة، إذ كان يعشق الكلمة الضاحكة والأدب الساخر، وتجعله النكتة الملحة يستغرق فى الضحك مجلجلًا، ويبدو أن هذا سر كون الأديب الساخر الراحل محمد عفيفى أقرب الحرافيش إلى قلبه، فكلا الرجلين يتمتعان بحس فاكهة، ويقلبان المأساة إلى كوميديا ساخرة، وحين فاز بجائزة نوبل وكثرت طلبات المقابلات الصحفية والإذاعية والتليفزيونية معه، لدرجة أنه لم يعد يجد وقتًا للكتابة أطلق عبارته الشهيرة "أصبحت موظفًا عند نوبل"، وحين تعرض للطعنة الغادرة عام 1994 توافد الزوار للاطمئنان عليه ومن بينهم الأديب الحرفوش ثروت أباظة وكان - يرحمه الله - مرهف الحس شديد الحب لصديقه، فأجهش بالبكاء بشدة حين رأى الأستاذ على سرير المستشفى، فنظر إليه محفوظ وداعبه قائلًا: "ليه بتبكى ياثروت.. هم ضربوك أنت ولا أنا؟!"، وتكررت كلماته الفاكهية حين زاره الدكتور محمد الرزاز وزير المالية آنذاك - يرحمهما الله - وكان مشهورًا بإبتكار وسائل جبى الضرائب حتى ضج الشعب منه، إذ داعبه محفوظ بقوله: "أنا دافع ضريبتى".