الزمان
بالصور.. ”المستريحة” يستأنف تصويره من جديد نتائج جهود الأجهزة الأمنية بالقاهرة لمكافحة جرائم السرقات حملات أمنية لضبط حائزى ومتجرى المواد المخدرة والأسلحة النارية والذخائر غير المرخصة قطاع الأحوال المدنية يواصل إيفاد القوافل المجهزة فنياً ولوجيستياً بالعديد من المحافظات ضبط شخصين ببنى سويف لقيامهما بالنصب والاحتيال على المواطنين والاستيلاء على أموالهم بدعوى توظيفها لهم ضبط مئات المخالفات المرورية خلال ٢٤ ساعة ضربات أمنية مستمرة لضبط مرتكبى جرائم الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبى وزارة الداخلية تواصل حملاتها المكثفة لضبط الأسواق والتصدى الحاسم لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز ضبط (372) قضية مخدرات و(213) قطعة سلاح نارى وتنفيذ (84516) حكم قضائى متنوع مواصلة جهود الأجهزة الأمنية فى مجال مكافحة جرائم السرقات وملاحقة وضبط مرتكبيها ضبط عدد من العناصر الإجرامية بـ ٣ محافظات بتهمة الإتجار في المخدرات النائب أيمن محسب: الوكالة العربية للدواء تساهم في دعم الريادة العربية في مجال الابتكار الدوائي
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

سماء عربية

قصور الثقافة.. لماذا تراجع دورها وعزف المثقف عن نشاطاتها؟

د. سليمان جادو: العزوف يرجع لعدم تقديم الجديد والمفيد من الأعمال والبرامج والخطط

يحيى أبوعرندس: السبب ظروف الحياة القاسية وغلاء الأسعار ونقص موارد وزارة الثقافة

جمال بربرى: المبدع الذكر لا يجد اهتمامًا به بعكس الأنثى الجميلة تفتح لها الأبواب مشرعة

جمال الزهيرى: ما يهم موظفو أندية الأدب تسجيل حدوث النشاط بغض النظر عن قيمته وهدفه

عبيد عباس: لا بد من منح الأديب مقابل مادى محترم مقابل وقته بالندوة كنوع من التقدير

هناء أمين: تهميش الثقافة والمثقفين جعل الندوات عبارة عن جلسات ثرثرة لا فائدة منها

تحقيق: مصطفى على عمار

حين وضع المفكر الراحل د. ثروت عكاشة وزير الثقافة الأسبق - يرحمه الله - اللبنة الأولى لمشروع "الثقافة الجماهيرية" كان هدفه كما يوضح الاسم تحقيق جماهيرية الثقافة، وألا تكون حكرًا على النخبة بل تعم الشعب، ونجح د. عكاشة بعزمه وتصميمه فى تحقيق مما أراد، وقامت فى الستينيات نهضة ثقافية، شملت كافة فروع الثقافة من أدب ونقد ومسرح وسينما.. إلخ.

وتمر السنوات ويرحل ثروت عكاشة، ويتغير مسمى "الثقافة الجماهيرية" إلى "الهيئة العامة لقصور الثقافة"، وكما تغير المسمى تغيرت مهام الهيئة، بخاصة بعدما اكتظت مكاتبها بآلآف من الموظفين، الذين استولت مرتباتهم وحوافزهم على 90% من المخصص للثقافة، وزاد الطين بله وصول الوزير فاروق حسنى وتربعه لثلاثة عقود على عرش الوزارة، إذ اهتم بالمهرجانات على حساب الثقافة، وكانت النتيجة أن تدهور حال الثقافة والمثقفين، وبات النشاط الثقافى محصورًا فى ندوات معظمها فارغ المحتوى، تقيمها قصور الثقافة ومراكز الإبداع، وغالبًا لا يحضرها سوى المشاركين فيها وعائلاتهم وأقرب أصدقائهم، وظهرت الشللية ونضبت الإصدارات الثقافية المتميزة.

"سماء عربية" انطلاقًا من رغبتها فى عودة الحياة الثقافية إلى سابق تألقها، التقت مجموعة من الأدباء والنقاد لتناقش معهم مستقبل الثقافة فى مصر، والمطلوب من وزير الثقافة الجديد د. أحمد فؤاد هنو فى ظل قلة الإمكانيات، وكيف نعيد لقصور الثقافة ونوادى الأدب دورهما المفتقد وما سر غياب المثقفين والأدباء عن فعالياتها، فى وقت يتوافدون بكثرة على الندوات الأدبية والثقافية، التى تقيمها مراكز ومؤسسات ثقافية خاصة، تجتذبهم بجودة ندواتها ونزاهة مسابقاتها وجوائزها.. وكانت هذه إجاباتهم.

يعترف الأديب د. سليمان جادو شعيب أن حضور الأدباء والشعراء إلى الندوات الأدبية، مبعثه نيل قدر من التشجيع والتحفيز، ولا يتم ذلك إلا عن طريق رصد الجوائز القيمة والمكافآت المجزية، حتى يضحى هؤلاء بأوقاتهم الثمينة للحضور، فعلى امتداد تاريخنا العربى والإسلامى، كان الخلفاء والقادة يجزلون العطايا، ويحيطونهم بالتكريم والتشجيع والاحترام.

ويرجع عزوفهم عن هذه النوادى، لعدم تقديم الجديد والمفيد من الأعمال الأدبية والبرامج والخطط الجاذبة، وعدم طرح القضايا والأدبية والبلاغية المفيدة، ومناقشتها مع أدباء كبار عن طريق استضافتهم، ومرجع ذلك لكون من يدير تلك الأندية غالبًا دون المستوى والقيمة، وأيضًا لعدم الالتزام بالمواعيد المحددة من المسئولين، مما يتسبب فى إهدار الوقت وإضاعته، ويضاف لما سبق وجود المجاملات الزائفة فى أعمال وكتابات بعض الأدباء، خاصة الجدد منهم.

ويرى أن لنوادى الأدب وقصور الثقافة دورًا مهمًا مفترضًا، يتمثل فى إثراء الندوات والأمسيات الثقافية والشعرية والنقدية والمسابقات الأدبية، بهدف اكتشاف المواهب الأدبية الشابة والجديدة، وصقلها وتهذيبها وتشجيعها ونشر الثقافة والإبداع الراقى والقيم الأصيلة بين الجمهور، ومحاربة الأفكار المتطرفة، وتشجيع حرية الرأى والتعبير، مع احترام العقائد الدينية وعدم المساس بها من قريب أو بعيد، وإقامة المسابقات، والاهتمام بقضايا المجتمع والشباب، وقضايا الثقافة والفنون والأدب والفكر على أنواعها.

ويضيف- بحسرة- أن الظروف الاقتصادية الراهنة الصعبة فى المجتمعات العربية بصفة عامة، جعلت الحصول على المال يسبق الاهتمام بالأدب، فإذا لم ينل الأديب ما يكفى طموحه وتطلعه الأدبى، فحتمًا سوف يعزف ويحجم عن الحضور، ويقترح النهوض بمستوى الأدباء ماديًا، عبر المسابقات الأدبية ورصد الجوائز القيمة لها، ونشر كتبهم بالمجان، وإبراز مكانتهم فى المجتمع عن طريق الإشادة بهم فى سائر وسائل الإعلام المختلفة.

ويرجع القاص يحيى أبوعرندس أسباب العزوف عن المشاركة فى النشاطات الثقافية، إلى ظروف الحياة القاسية وغلاء الأسعار ونقص موارد وزارة الثقافة، ففى السابق كانت هناك بأندية الأدب أمسيات وندوات، يتقاضى المشاركون فى محاضراتها مكافأة بعد انتهاء الأمسية، فكان الحضور مميزًا، ثم رحلت المبالغ على الفيزا كارد، ولم تصرف إلى الأدباء منذ عام تقريبا، مما أدى إلى عزوفهم عن الحضور والمشاركة، وبعامة أرى أن المناخ العام مؤثر فى الإبداع والكتابة، وربما الفيس أصبح المتنفس الوحيد للكتابة، حتى ولو كانت بعيدة عن الإبداع.

ويؤكد القاص جمال بربرى أن الأسباب عديدة وكثيرة، منها أنه لا يوجد ناقد يرشد الأدباء المبتدئين ويحلل إبداعهم، فقط تسمع كلمات: جميل، حلو، واقرأ، ويختلف الأمر حين تكون المبدعة أنثى وجميلة، فدائمًا هناك من يهتم بها ويساعدها حتى تنشر إبداعها، ويطبع لها كتابًا حتى لو لا يوجد له محتوى يذكر.

وبالإضافة إلى النزاع وقت الانتخابات على رئاسة وعضوية مجلس إدارة أندية الأدب، تجد الشللية والمحسوبية تحدد ترشيح من يحضر أو لا يحضر اللقاء الأسبوعى للنادى، وخصوصًا من خارج المحافظة، ولا يأخذ المبدع الجيد الحقيقى فرصته ويبحث عنها فى العالم الافتراضى، لذا لا تجد فى أى ناد أدب سوى مبدعين يعدون على أصابع اليد، وربما تجد القاعة فارغة إلا لو حضر مبدع كبير أو ناقد مهم.

ويعترف رئيس نادى أدب أبو قرقاص الأسبق جمال الزهيرى أن أعداد الحضور قليلة جدًا، حتى أن أعضاء الجمعية العمومية لنادى الأدب لا يحضر منهم إلا القليل، وغالبًا ما تكون الأنشطة عبارة عن بعض المبدعين يستمع بعضهم لبعض، وكأن الأهم عند الموظفين هو تسجيل حدوث النشاط فقط، دون الاهتمام بالهدف الأهم والأساسى من أندية الأدب، كما جاء فى اللائحة التى أعدتها وزارة الثقافة، وهو خلق جيل جديد من المبدعين والاهتمام باكتشاف وتنمية المواهب، بعكس الندوات التى تقيمها جهات ثقافية خاصة، فالعدد فيها يكون أكبر، لأنها تركز على شخصية الضيف، وتمنحه حقه المعنوى من التكريم اللائق به كمبدع، وتقيم مسابقات تفتح أبواب التنافس الشريف بين المبدعين، سواء المتحققين أو المتلمسين بداية الطريق، فتتيح مجالًا لتلاقى الأفكار والأجيال وتبادل الخبرات، ولا أنسى أن أضيف الظروف الاقتصادية، فهى من أسباب عزوف الأدباء عن حضور بعض الأنشطة، لأنها تكبدهم متطلبات الانتقال أو الغياب عن العمل الأساسى، فلا يبادر بالحضور إلا من يجد فى النشاط المقابل المادى المعادل على الأقل لما أنفقه.

كما أن الشللية التى هيمنت على كل الأماكن، من أهم أسباب الغياب فى الكثير من الأنشطة، فلكل قائم على نشاط أدبى أصدقاء يدعمون أنشطته خلال دورته، وبعد انقضاء الدورة يهملون النادى، وهذا سبب رئيسى فى ما تعانيه الأنشطة من ركود.

ويطالب الزهيرى بطرح تصورات جديدة للنشاط الثقافى جاذبة للمبدعين، مثل: عمل ورش للشباب وفتح مجالات لنشر ابداعاتهم، ومناقشة الإصدارات وتبادل الزيارات بين الأندية، والتوزيع العادل للترشيح للمؤتمرات لكل الأعضاء وليس لمجموعة معينة، تتم بينهم بالتبادل، وإتاحة فرصة رئاسة الأندية للشباب، بدلًا من تبادلها بين مجالس محددة لكل دورة.

ويدعو هيئة قصور الثقافة إلى مراعاة عامل التضخم الاقتصادى، عند تحديد قيمة المكافآت الخاصة بالمبدعين، فلا يعقل أن تظل كما هى منذ سنوات برغم انخفاض قيمتها السوقية، إذ أصبحت بالكاد تعادل قيمة الانتقال للنشاط.

ويقول الشاعر عبيد عباس: فى تصورى إن هناك ثمنًا للوقت الذى يقتطعه الإنسان من جهده، وخصوصًا فى ظل الظروف الاقتصادية السيئة، فمطلوب مقابل مادى مناسب، للوقت الذى يقضيه الأديب أو الناقد فى الأمسية أو الندوة، يشمل انتقالات وإقامة ومأكل ومشروبات، ولا نطلب مالًا كثيرًا للأديب أو المبدع بعامة، ولكن علينا أن نتذكر أنه على الجانب الآخر إنسان له أسرة والتزامات، ولا بد أن يحصل على مقابل مادى محترم كنوع من التقدير، والشىء الثانى الذى يجعل الأدباء يعزفون عن النوادى الأدبية، عدم وجود موضوعات أو قضايا قيمة أو خريطة حقيقية تطرح، والسبب الثالث لعزوف الأدباء هو الميديا والفيس بوك، اللذان جعلا التواصل أكثر وبسرعة وموفر للجهد والوقت، ويتيح التعرف على كل أنواع الفنون بشكل أسهل.

وترى المديرة التنفيذية لسلسلة كتاب "طيوف" هناء أمين أن قلة حضور الأدباء موجودة حتى فى ندوات المؤسسات الخاصة، إلا القليل، وربما مرجع هذا لكون معظم الندوات، أصبحت لا تزيد عن جلسات ثرثرة لا فائدة منها، يحضرها شعراء يستمعون لبعضهم البعض فقط، ولا ينفى هذا وجود صالونات مهمة تقدم المفيد وتؤثر فى الحياة الثقافية.

والأمر فى حقيقته أكبر من مجرد قصور فى حضور الندوات، فهو يكشف قصورًا فى الاهتمام بالثقافة والمثقفين فى المجتمع بشكل عام، فقد كان المثقفون- فى عصر سابق- نجومًا للمجتمع المصرى، أما اليوم فقد جرى تهميش الثقافة والمثقفين، إلى حد أن القلة القليلة المتمسكة بالأدب هم كالقابضين على الجمر.

وفى نفس الوقت لا يمكن إغفال دور وسائل التواصل الاجتماعى، التى أغنت البعض عن النزول إلى الأدب، ما دام الأدب يمكن أن يأتى إليهم وهم فى بيوتهم.

وبالنسبة إلى احتياج الحياة الأدبية إلى حافز مادى، هو أمر عادى تفرضه مقتضيات الحياة، فليس عيبًا الاعتراف بأن الحوافز المادية والدعم المادى، تدعم الحضور والمشاركة والنهوض بالحركة الثقافية بشكل عام، وليس هناك تناقض بين البحث عن القيمة الأدبية والدعم المادى، والمؤسسات الرسمية يمكن أن تدعم، حين تخلص أنشطتها من الصورية، والمؤسسات الأهلية يمكن أن تقدم عملًا ثقافيًا موازيًا مهمًا.

click here click here click here nawy nawy nawy