الإسكندرية عروس الشعر والإلهام (6)
«قطر الندى، نفثة السحابة البيضاء» بهذه الكلمات وصف نجيب محفوظ الإسكندرية فى روايته الرائعة «ميرامار»، والتى تحمل اسم بنسيون فى عروس البحر، وتدور أحداثها داخله، كما جعل الإسكندرية ملجأ هروبيا لعيسى الدباغ بطل رواية «السمان والخريف» بعدما حاصره الاكتئاب والإحباط وأثقلت الهموم روحه، فهرب إليها ليغسل همومه على شواطئها.
واختارها إحسان عبدالقدوس لتكون موقع أحداث روايته ذائعة الصيت «البنات والصيف»، فالصيف أكثر مواسم توالد الحب الوقتى، وشواطئ الإسكندرية أنسب مكان لتنامى مشاعر المراهقة بما تتيحه من فرص للتلاقى.
ولعل الصديق الروائى الكبير محمد جبريل – شفاه الله– أكثر الروائيين إعجابًا وحبًا للإسكندرية، وكيف لا يكون وهى مدينته الأصلية وإن أجبرته ظروف العمل الصحفى على الانتقال إلى القاهرة، وله أعمال روائية كثيرة تتخذ من الإسكندرية مكانًا لأحداثها، وتنقل لنا صورًا حية لمظاهر الحياة فى حى بحرى، وحياة الصيادين والبحارة، ولعل أهمها رباعيته: «أبو العباس»، و«ياقوت العرش»، و«البوصيرى»، و«على تمراز».
ومن ذا ينسى رواية إدوار الخراط «يا بنات الإسكندرية»، التى ضمنها جزءًا من سيرته الذاتية فى مرحلة الطفولة والمراهقة، وصورت علاقته ببنات حواء على الشواطئ اللازوردية، وهى تلتقى فى ذلك من «البنات والصيف» لإحسان عبدالقدوس.
ولإبراهيم عبدالمجيد ثلاثية رائعة تدور أحداثها فى الإسكندرية خلال الحرب العالمية الثانية: «لا أحد ينام فى الإسكندرية»، و«طيور العنبر»، ثم «الإسكندرية فى غيمة»، وهى مثلها مثل ثلاثية نجيب محفوظ تؤرخ للحياة والبشر والحياة الاجتماعية والسياسية فى فترات زمنية متدرجة.
ويطول الحديث عن الإسكندرية وأهل الأدب، فهناك مئات من الأعمال الإبداعية التى تناولتها، لذا أكتفى بهذا القدر، لأستكمل فى العدد المقبل أسماء أحياء عروس البحر وأسرار هذه التسميات.