«هيلاري» و«ترامب» وجهي «اللوبي»
صراع الرئاسة الأمريكية له هذه المرة مذاق خاص ... وطبيعة متفردة .. لأنه يجمع بين رجل وامرأة .. وهذا أمر لم يعتاده الشعب الأمريكي في الانتخابات ..
وعلى الرغم من حالة القبول الواضحة للشعب الأمريكي لترشح امرأة .. وتأييده لها بنسبة كبيرة وبمعدلات مشجعة للغاية .. فإن طبيعة الرجل المرشح وتاريخ المرأة المرشحة .. أضفى على الانتخابات نكهة مميزة ..
وذلك لأن الرجل له طباع تختلف وشخصية متباينة تماما عن الكثير من السياسيين ... الذين تذخر بهم أمريكا .. فهو لم يكن من أصحاب الخبرات السياسية في أمريكا ... بل رجل اقتصادي من الدرجة الأولى .. بدرجة «ملياردير» له شركاته المبثوثة في أمريكا ومختلف بلدان العالم ...
كما أنه وإلى الآن لا يحمل برنامج انتخابي واضح وكأن اختيار «ترامب» اعتمد على كونه من خارج الدوائر السياسية التقليدية ..
كما أنه في تقدير الكثيرين يعد نموذجا للزعامة الشعبية التي تظهر بصورة لا تحظى بمقومات وتنال نتائج خارج نطاق التوقعات ... وعلى الرغم من هذه الظروف إلا أنه حقق نجاحات بالغة الخطورة .. وارتفعت أسهمه بشكل لفت الأنظار .. داخل الأوساط الأمريكية بل وخارجها أيضا ...
وفي فترة محددة استطاع «ترامب» إن ينتزع الثقة من مؤيدي حزبه ليتفوق على أقرانه بنسبة عالمية ...
والعجيب في المسألة .. مواقفه من السياسة الداخلية وخاصة من الهجرة غير الشرعية والاقتصاد والتوظيف والرعاية الصحية .. فضلا عن موقفه من المسلمين والمرأة .. الأمر الذي يتسفز الكثير من الناس وخاصة أنه يتبنى سياسات عدائية ...
أما عن مواقفه من السياسة الخارجية .. فهو لم يتول منصبا سياسيا قبل ذلك بل إن سياسته تقوم على التبسيط والتركيز على تجميل سياسات الآخر .. فهو يفتقد إلى حد كبير الخبرة والمعلومات الأساسية ..
ومع ذلك فإن سر اختياره لدى الحزب الجمهوري .. ونجاحاته في الانتخابات الأولية كان وراءها «كاريزما» يراها مؤيدوه قادرة على مواجهة المشكلات بل والتغلب عليها ...
لذلك يعتبر «ترامب» صيدا سهلا لمنافسته «هيلاري» التي تكيل له المؤمرات وتستغل إلى أبعد حد طبيعة شخصيته .. فتلقي التهم عليه .. وتشوه سمعته .. وتتهمه بأنه غير قادر على الوفاء بالتزامات صاحب البيت الأبيض على حد تعبير «أوباما» فضلا على الانتقادات اللاذعه التي توجه إليه من «كلينتون» ..
وعلى الرغم من خبرات «كلينتون» الواسعة وامتلاكها القدرة على توحيد السياسة الامريكية في الخارج والداخل .. فإن ذلك يرجع بالضرورة إلى عملها الطويل وخدماتها في لجان «الكونجرس» ..
كما أنها شغلت منصبا سياسيا رفيعا هو وزيرة الخارجية لفترة طويلة واجه العالم خلالها أحداث دامية وصراعات حامية .. لعبت فيها «كلينتون» دورا لا يُجهل ..
ومع ذلك فتاريخ «كلينتون» وللأسف لم يكن ناصعا بل كان ملئ بالمؤامرات .. ارتشح باللون الأحمر في معظمه ... واتشح بالسواد في البقية الباقية .. منها عندما كانت عضوه بمجلس الشيوخ عن ولاية «نيويورك» دعمت حرب العراق التي كانت مسمار الذي وضع في نعش العرب ... والتي اثبتت الأيام أن دواعي الحرب كانت واهية وغير حقيقية واعتمدت على الهراء والأكاذيب ...
ومنها أنها أيدت العمل العسكري بحرب« أفغانستان» ... والذي أفرز «طالبان» حيث أوجعت قلوب العرب والمسلمين لسنوات طويلة ... وما زالت «أفغانستان» تعاني على إثر التدخل الأمريكي والحرب على «أفغانستان» من كل شيئ وفي كل شيئ ...
منها أنها أيدت التدخل العسكري في «ليبيا» .. وها هي «ليبيا» تترنح لشدة ماتواجه من صعوبات وصراعات لم تنته إلى يومنا هذا ويبدو أنها ستطول إلى ما قدروا لها ..
منها أنها كانت لها بصمة واضحة في الربيع العربي ويكفي أن يقال أن ثورات العربية .. بدأت بعد أيام قليلة من زيارتها للمنطقة التي جرت عالمنا العربي إلى الهدف الذي سعت إليه أمريكا والاتحاد الأوروبي .. هو تغيير خريطة العالم العربي وتكوين ما يعرف بالشرق الأوسط الكبير ...
إن الانتخابات الأمريكية هذه المرة لا تحمل للعرب المسلمين أي بشارات ... وإنما كل الإرهاصات تسير على نهج واحد وهو أن القادم مع هؤلاء أسوأ للغاية ..
«فترامب» الذي لا يفهم سوى في المال والتصريحات المستفزة ولا يعنيه العالم من حوله سوى أن يحقق المزيد من المصالح التي يراها تعود على بلاده......
و«هيلاري» التي أثقلتها المناصب التي انتقلت بينها لا تحمل بين ضلوعها سوى خبرات العداء والاستحواذ والسيطرة ... ويكفي أن نشير إلى رأي زوجها الرئيس الأسبق للولايات المتحدة « بيل كلينتون» الذي يقول عنها أنها زعيمة طبيعية .. تملك شعورا داخليا بالمسئولية .. وهي لا تزال أفضل صانعة للتغيير ...
ومهما حاولت أن تبدو حيادية أو منصفة بإعتذارها عن أخطاء الماضي فإن وصمة العار تطاردها في كل مكان ... فقد وقعت في أزمات عديدة .. تورطت فيها ..
إذن لا تنتظروا من الإنتخابات الأمريكية شيئا سوى المزيد من الضغط على مصر واستكمال تنفيذ المخطط «الصهيو أمريكي» الذي أبي إلا أن يتم عمله مهما اختلفت الأسماء وتباينت الظروف ...
بصرف النظر أن رئيس الولايات المتحدة يكون مجرد صورة تعكس قرارات «اللوبي» الحاكم في أمريكا .. بل لأن هاتين الشخصيتين التي قدمت فروض الولاء والطاعة لإسرائيل فور الترشح ما هما إلا أنهما دميتين .. انعكست شهوة رئاسة البيت الأبيض على شخصياتهم المعقدة ... فأصبح حلم الرئاسة أكثر خطورة معهم ... لأنه كما لو كان أمل في إضافة شخصية وخاصة لهم .. ليس لأمريكا .. وليس لإسرائيل .. وهذا ما وجدناه ملحوظا من تضخم عظيم للـــ«أنا» لديهم ...
والخطورة هنا أنه مع تضخم الــ«أنا» بهذا الشكل المرضي وعظم مكانة القوة .. من قوة رئاسة أمريكا .. التي أرى أنها سوف تصيبهما بحالة من الــــــ ..................
بكل أسف في الحالتين ..سوف يكون العداء ضد الإسلام والأمة بدرجة لا يعلم مداها إلا الله ...
وإن كان بحساباتي الشخصية والإيمانية «أنا» ... لن يكون لهم من تلك المخاوف .. إلا في حالة واحدة .. التمسك بالوحدة العربية والإسلامية .. ضرورة توحيد الكيان العربي والمسلم .. ولا شيئ سواهم ..