«بني إسرائيل» الأشرار .. أذكركم بدار البوار
ها هو سليمان «عليه السلام» يفارق الدنيا ... ليُحيي أوجاع جديدة أو قديمة كانت .. فهي سنة الحياة التي لا يعلو عليها بشر .. والتي لا ينجو منها أحد ... سنة الدنيا أن يفارقها الصالحين والأشقياء .. سنة الدنيا أن يرحل عنها العاصين والأولياء ... سنة الدنيا أن يبتعد عنا الكارهين لنا والأحباء ... وكذلك سنة الدنيا أن رحل عنا اتقياء وانبياء ....
رحل سليمان «عليه السلام» ... رحل الملك «قاد العالم بأسره والدنيا كلها».. رحل المعلم « من عُلم لغة الطير ولغة سائر الكائنات».. رحل القاضي الحاكم « إذ يحكمان في الحرث» ... رحل المتحكم في قوى الشر .. «يعملون له ما يشاء من محاريب ... » ... رحل ورحل ورحل.......... رحل نبي الله سليمان ....
فبعد وفاة سيدنا سليمان «عليه السلام» ... كثُر السحرةُ الذين تتلمذوا على أيدي الشياطين... ادَّعوا النبوةَ وتحدّوا الناس بالسحر فاعتقد الناس أن السحر معجزة.....
وانتشر السحر لدرجة عدم التفريق بينه وبين المعجزة الحقيقية.... فأنزل الله ملَكين من ملائكته الكرام وهما «هاروت وماروتُ» يعلّمان الناسَ ما هو السحر ؟؟؟!! ....
فيتمكنا من تمييز السحر الذي هو تخييل وخداع !!!!! ... من المعجزة التي هي تغير حقيقي....
حتى يتبين كذب السحرة في دعواهم النبوة.... ولكي لا يلتبس الأمر على الناس... فإنّ السحر لا يبطل إلا بسحر أقوى منه ... وقد يكون أداة إبطال السحر ساحر آخر... لكن لا يحدث ذلك مع «المعجزة».... التي هي أمر أو قوة خارقة للعادة يجريها الله على يد أحد أنبياءه ...
ويتساءل الجميع .. لماذا أرسل الله الملكين ؟؟؟؟!!!!... والجواب القرآني موجود ... ومحفور في لوح المحفوظ ... لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .... «وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ» ...
ليستمر السؤال عند العامة .. هل حقا أرسلهم الله ليعلموا الناس السحر ؟؟؟؟!!!!! ... هل يمكن أن يرسل الله ملائكته ليقولا للناس أقوال الفتن !!!! ... ويُقِعوا الناس في المحن!!! ... وتبقى العقول في حالة الشجن!!!! ....
من هنا أبين مفسرة وموضحة وواعية لحقيقة الأمر ... أننا نعلم أولادنا ما هي السرقة ؟؟؟!!!... هل من أجل أن يسرقوا ؟؟؟!!!! .... ونعلمهم ما هو القتل ؟؟!!!! .... هل ليقتلوا ؟؟؟!!!! .... ونعلمهم ونفهمهم ونشرح لهم ونبين حقيقة الأمر وجميع الأمور الموبقات ؟؟!!!! .... لماذا ؟؟؟!!!!!!!!!!!!! ..... هل ليرتكبوها أم ليبتعدوا عنها ؟؟؟؟!!!!! ... هل ليقوموا بها أم يجتنبوها ؟؟؟؟!!!!! ....
إن الاجابة التي لا تحتمل الشك ... وليست بعيدة عن عقل العاقل ... وفكر الواعي .. ونظرة المتيقن ... أنهم ليبتعدوا ويتجنبوا ويحترسوا من هذه الأمور .... لذلك أرسل الله الملكين ليعلما الناس السحر ... حتى يتجنبوه .. ويميزوا الخبيث من الطيب ... ويعرفوا الحق من الباطل .. ويتيقنوا الجميل من القبيح ...
هذا هو الله العادل الواحد الأحد ... الفرد الصمد ... الذي لم يلد ولا يولد ... سبحـــــانه وتعالى عما يشركون !!!!!!! ....
«وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ واتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ اللَّه خَيْرٌ لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ » سورة البقرة
وها هي الآيات التي تدل على ما اقترفته الشياطين الملاعين ... من تعليمهم الناس السحر .. من إرشادهم الكفر ... من رغبتهم المعلنة والدائمة في غواية بني الإنسان ... ألا لعنة الله عليهم كما لعنة الله على «بني إسرائيل»...
يظهر غلهم ... قوتهم .. إصرارهم ... التفرقة ... التشتت ... على الضلال .... في قوله تعالى :«ما يفرقون به بين المرء وزوجه» ... إشارة إلى جزئي من جزئيات السحر وهو أقصى تأثيراته إذ فيه التفرقة بين طرفي آصرة متينة إذ هي آصرة مودة ورحمة .... فما الزواج إلا كبنيان ... فإذا كان للبينان أربعة أركان يقوم عليها .. فللزواج ثلاثة أركان السكينة والمودة والرحمة ... التي قال الله عنها : « ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة» ...
فإن المودة وحدها آصرة عظيمة وهي آصرة الصداقة والأخوة و غير ذلك ... والرحمة وحدها آصرة منها الأبوة والبنوة ...... فما ظنكم بآصرة جمعت الأمرين وكانت بحول الله تعالى وما كان بحول الله فهو في أقصى درجات الإتقان ....
حين استطاعوا التفرقة .. وإيقاع الفتنة في رباط وصفه الله تعالى بالرباط مقدس.. والميثاق الغليظ .. الذي تسوق إليه الفطر الإنسانية وتدعو إليه الشرائع السماوية ...
وهكذا استطاعت الشياطين الملاعين أن يفرقوا بين الأزواج .. رغم أن الزواج هو متعة الحياة... قال رسول الله : «الدنيا متاع.. وخير متاعها المرأة الصالحة»
وكذلك استطاعوا أن يوقعو العدواة والبغضاء بين الأزواج مدركين أن الزواج هو عصمة من الفساد والفتنة..... قال رسول الله:«إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخُلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض »
استطاعوا أن ينشروا بين الأزواج الشقاء على الرغم من كون الزواج من أهم أسس السعادة... قال رسول الله : «أربع من سعادة المرء: المرأة الصالحة، والمسكن الوسيع، والجار الصالح، والمركب الهنيء» ...
استطاعو أن يدمروا البنيان الجميل والصرح الجليل لأنهم يعرفون أن الزواج هو خير كنوز الدنيا.. قال رسول الله : «خير ما يكنزه الرجل المرأة الصالحة إذا نظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته» ...
وهنا نقف عند قوله تعالى «ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم» وهو ما يعني ما يضر الناس ضرا آخر غير التفرقة بين المرء وزوجه فضمير يضرهم عائد على غير ما عاد عليه ضمير يتعلمون ....
ومعنى ذلك أن أمور السحر لا يأتي منها إلا الضر أي في الدنيا... فالساحر لا يستطيع سحر أحد ليصير ذكيا بعد أن كان بليدا أو ليصير غنيا بعد الفقر .... وهذا زيادة تنبيه على سخافة عقول المشتغلين به ...
وقد أفادت الآية بجمعها بين إثبات الضر ونفي النفع .... مبلغ الضرر الكامل .... كأنه قيل : ويتعلمون ما ليس إلا ضارا ... سبحان الله على جنس هذا الجن الكافر العاصي ... وسبحان الله على إنس وبني البشر لا يريدون أن يتعلموا إلا ما هو ضار ... يتعلمون ما لا يغني من جوع !!!! ....
ونـفـحةُ الـغـدر إن رصـدتْ ضـحيّتها ... فـكـيـف تــأخـذُ بـالأسـباب والـحـذر
فـــلا تــظـنّ بـقـرب الــورد مـنـفعةً ... إنْ كـان يـربو عـلى مـستنقع القَذَرِ
ونعاود القول إنه في السحر التمويه والتخييل على الناس.... وخُدع وشعوذات... كما بينا ومن جهةٍ أخرى هو نوعٌ من خدمة الشياطين للسحرة لأن الشياطين أجسام لطيفة لا يراها الناس....
ولتخدم الجان الساحر يقوم الساحر بوضع تركيبةٍ من موادَّ معينةٍ يعرفها الكهنة تُجمع وتُحرق ويتخذُ منها رماد وحِبرٌ...
ويُقرأ عليها كلمات وأسماء وتكون هذه الكلمات كفرية وفيها تدنيس للدين والعياذ بالله ....
وقد يقرأ الساحر القرآن في موضع إهانة أو بعكس حروفه امتهاناً له لترضى عنه الجان بكفره ....
ويقدم القرابين إلى الجان لترضى مردة الجان الكفار بكفر الساحر، لذلك يطلب الساحر حيوانات يذبحها
للجان دون ذكر اسم الله عليها بل يذكر اسم الجان عبادة لهم وكفراً بالله فيخدمونه، لذلك الساحر لابد أن يكون كافراً، والسحر كفر.....
وأما المعجزةُ فهي أمرٌ خارق للعادة لا يعارض بالمِثْل... يظهر على يدِ النبي بقدرة الله وإرادته ويكونُ مقرونًا بالتحدّي لبقية الناس....
علينا أن نأخذ حذرنا الشديد فقد قرن الله السحر بالكفر وهو حكم شرعي لكل من عمل بالسحر فالسحر كفر ولابد أن يكفر الساحر لتطيعه الجن، وحاشا لله أن يكون سيدنا سليمان ساحراً بل كان نبياً مكرماً آتاه الله مُلكاً عظيماً بفضله وقدرته لا يؤتيه أحداً غيره من العالمين إنس كان أو جان.
ولقد أنزل الله الملَكان هاروت وماروت ليظهرا للناسِ الفرقَ بين السحر المطلوب تجنُّبه، وبين المعجزةِ التي هي دليلُ نبوّة الأنبياء عليهمُ السلام، فكانا يعلّمان تعليمَ إنذارٍ وتحذير لا تعليمَ حث وتشجيع، كأنهما يقولان: السحر كذا فلا تفعله، كما لو سأل سائل عن صفة الزنا أو القتل فأُخبر بصفته ليجتنبه، أو يقولان: فلا تكفر، أي فلا تتعلم السحرَ فتكفُرَ.
لكن رغم ذلك مارس الكفار من الناس السحر الذي حذرتهم منه الملائكة، كأن تحذر شخصاً من الزنا ويزني رغم تحذيرك...
وهاروت وماروت ملَكان كريمان من ملائكةِ اللهِ الذين لا يعصون اللهَ ما أمرهم ويفعلونَ ما يؤمرون، فلا صحَّة أبدًا للاسرائيليات التي تقول إن هاروتَ وماروتَ ملكان التقيا بامرأة جميلة، فهذا الكلام من الاسرائيليات ومخالف للقران الكريم.
ولا عجب في ذلك .. فاليهود هم أصل الكذب وجذوره ... هم أصل النفاق وعصابته .. وهذا حقا أكبر خطر يهدد الأمة الإسلامية على مر العصور.....
ولذلك كان مصيرهم يوم القيامة أسوأ مصير في الدرك الأسفل من النار..... لأنهم شر من الكفار الصُّرَح .... لأنهم لا يظهرون ما يعتقدون ..... يعملون في الخفاء .... ويظهرون لباس الإخوان والأصدقاء ...
فهم مستأمنون لا يحسب لهم حساب.... ولا يراقبون ولا يحترز منهم إلا القليل من المؤمنين.... فهم أخطر من الجيوش العسكرية .... والانحرافات الفكرية... لأن أصحابها أعداء معروفون واضحون لا يقبل كثير من الناس أقوالهم ....
إن اليهود في طبيعتهم آفة.. في قلوبهم علة.. وهذا ما يحيد بهم عن الطريق الواضح المستقيم.. ويجعلهم يستحقون من الله أن يزيدهم مما هم فيه: (فزادهم الله مرضاً)
اللهم إن بني صهيون قد عاثوا وأفسدوا وطغوا في البلاد وتكبروا وتجبروا ...
اللهم اقصمهم وأرنا فيهم يوماً أسودا... فإنهم لايعجزونك _ سبحانك ،....
اللهم عليك بهم اللهم أظهر لهم جبروتك وكبريائك ، اللهم أخذلهم وخالف بين قلوبهم وصفوفهم ...
اللهم طال ليل الظالمين ، اللهم طال ليل المعتدين ،، اللهم طال ليل الغاصبين ...
اللهم طال ليل الكافرين ، اللهم طال ليل العملاء الكلاب ، اللهم طال ليل الخونة ...
اللهم أقصمهم واجعلهم يتمنون الموت لا يجدونه ، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك ...
اللهم اشف صدور قوم مؤمنين ، اللهم اشف صدورنا وصدور إخواننا ..
اللهم اجعل العاقبة للمجاهدين المرابطين ، اللهم اجعل العاقبة للمتقين ..
دعوناك ربنا فاستجب دعواتنا يا الله
وفيما يروى عن ابن عباس رضى الله عنهما وغيره قالوا أن الملائكة لما رأوا ما يصعد الى السماء من أعمال بنى أدم الخبيثة في زمن أدريس عليه الصلاة والسلام عيروهم وقالوا هؤلاء الذين جعلتهم في الارض وأخترتهم وهم يعصونك
فقال الله تعالى لو أنزلتكم الى الارض وركبت فيكم ماركبت فيهم لركبتم مثل ماركبوا قالوا سبحانك ماكان ينبغي لنا أن نعصيك ...
قال الله تعالى فاختاروا ملكين من خياركم أهبطهما الى الارض فاختاروا «هاروت وماروت» وكانا من أصلح الملائكة وأعبدهم وكان اسم «هاروت عزا»و«ماروت عزايا »....
فغير اسمهما لما قارفا الذنب وركب الله فيهما الشهوة... وأهبطهما الى الارض... وأمرهما أن يحكما بين الناس بالحق... ونهاهما عن الشرك والقتل بغير الحق والزنا وشرب الخمر فكانا يقضيان بين الناس يومهما فأذا أمسيا ذكرا اسم الله الاعظم وصعدا الى السماء فما مر عليهم شهر حتى افتتنا وقيل بل افتتنا في أول يوم ......
وذلك أنه اختصم اليهما امرأة يقال لها «الزهراء» وكانت من أجمل أهل فارس وقيل كانت ملكة الجمال فلما رأياها أخذت بقلوبهما فقال أحدهما لصاحبه هل سقط في نفسك مثل الذى سقط في نفسي؟؟؟!!!!....
قال نعم!!!!!!.... فراوداها عن نفسها فأبت ونصرفت ثم عادت في اليوم الثاني ففعا مثل ذلك فأبت لا ألا أن تعبدا هذا الصنم وتقتلا النفس وتشربا الخمر فقالا لاسبيل الى هذا الاشياء فأن الله تعالى قد نهانا عنها
فانصرف ثم عادت في اليوم الثالث ومعها قدح خمر وفي أنفسهما من الميل اليها مافيها فراوداها عن نفسها فعرضت عليهما ما قالت بالامس ... فقالا الصلاة لغير الله عظيم.... وقتل النفس عظيم.... وأهون الثلاثة شرب الخمر ...
فشربا فلما انتشيا وقعا بالمرأة فزنيا بها فرآهما إنسان فقتلاه خوف الفضيحة وقيل أنهما سجد للصنم ...
وقيل جاءتهما امرأة من أحسن الناس تخاصم زوجها فقال أحدهما للآخر هل سقط في نفسك مثل الذي سقط في نفسي ؟؟؟؟!!!!! .... قال نعم قال هل لك ان تقضى لها على زوجها فقال له صاحبه أما تعلم ما عند الله من العقوبة والعذاب فقال له صاحبه أما تعلم ما عند الله من العفو والرحمة..
فسألها نفسها فقالت لا ألا أن تقضيالي على زوجي فقضيا ....
ثم سألها نفسها فقالت لا ألا أن تقتلاه !!!!! ....
فقال أحدهما لصاحبه أما تعلم ما عند الله من العقوبة والعذاب فقال له صاحبه أما تعلم ماعند الله من العفو والرحمة ...
فقتلاه ثم سألها نفسها فقالت لا ألا أن لي صنما أعبده أن أنتما صليتما معي عنده فعلت !!!!! .... فقال أحدهما لصاحبه مثل القول الاول فرد عليه مثله فصليا معها عنده فمسخت شهابا .....
وقال علي بن أبي طالب «رضى الله عنه» قالت لهما لن تدركاني حتى تخبراني بالذي تصعدان به الى السماء فقالا اسم الله الاكبر ....
قالت فما أنتما بمدركي حتى تعلماني أياه فقال أحدهما للآخر علمها فقال اني أخاف الله فقال الآخر فأن رحمة الله .... فعلمها ذلك فتكلمت به وصعدت الى السماء فمسخها الله كوكبا فذهب بعضهم الى أنها هى الزهرة....
بعينها وأنكر آخرون ذلك وقالوا أن الزهرة من الكواكب السيارة السبعة التي أقسم الله بها فقال فلا أقسم بالخنس ... الجوارى الكنس.... والتي فتنت هاروت وماروت كانت امرأة تسمى الزهرة لجمالها وحسنها فلما بغت مسخها الله تعالى شهابا....
قالوا فلما أمسى «هاروت وماروت» ما قارفا الذنب هما بالصعود الى السماء فلم تطاوعهما أجنحتهما ....
فعلما ما حل بهما فقصدا أدريس النبي «عليه الصلاة والسلام»... وأخبراه بأمرهما وسألاه أن يشفع لهما الى الله عز وجل ....
وقالا له رأينا يصعد لك من العبادة مثل ما يصعد لجميع أهل الارض... فاشفع لنا الى ربك ففعل ذلك أدريس .... فخيرهما الله بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة.... فختارا عذاب الدنيا اذ علما أنه ينقطع فهما ببابل يعذبان قيل أنهما معلقان بشعورهما الى قيام الساعة... وقيل أنهما منكوسان يضربان بسياط الحديد وقيل أن رجلا قصدهما ليتعلم السحر فوجدهما معلقين بأرجلهما مزرقة عيونهما مسودة جلودهما ليس بين السنتهما .... وبين الماء ألا قدر أربع أصابع وهما يعذبان بالعطش...
فلما رأى ذلك هاله فقال «لا أله ألا الله»... فلما سمعا كلامه قالا «لا أله ألا الله» .... من أنت قال رجل من الناس فقالا من أي أمة أنت قال من أمة محمد «صلى الله عليه وسلم» قالا أوقد بعث محمد «صلى الله عليه وسلم» فقالا الحمد لله وأظهر الاستبشار فقال الرجل مم استبشاركما قالا أنه نبي الساعة وقد دنا أنقضاء عذابنا ....
فإذا كان الملكان اللذان أنزلهما الله سبحانه وتعالي ليعلما الناس السحر (هاروت وماروت). فان لله سبحانه وتعالي حكمة في الابتلاءات أو الاختبارات التي تتأرجح ما بين الخير والشر « ونبلوكم بالشر والخير فتنة «. وأما أن يستخدمها الناس في النفع وإما في الضرر.
كما أن السحر أخطر درجات الضرر لان معتنقه ينتهي به الحال إلي الكفر وإلي غير رجعة.... حيث قال الله تعالي: « كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين. فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين »..
ومع ذلك فإن الجن الذي سخره هو في الماضي. لن يعطيه الفرصة في طريق العودة لأنه فتنة للكفر. فكيف ينير بصيرته بعد أن تمكن منه. حيث يقول رب العزة: « وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب اليم»..
لا أجد أكثر ولا أقوي من اعتراف «إبليس وأعوانه»على أنفسهم بحقيقتهم .. وعلى كم الحقد الذي يعج في قلوبهم .. وعلى قسوة الشر الذي يعمي أبصارهم .. والجبروت والخسة والتحدي الذي يزين منهجهم .. ووقاحتهم وغيّهم وهم يعلنون براءتهم من ذرية بني آدم بعد غوايتهم حين يصل بهم إلى الشرك .. بل يؤكدوا أنهم لا يشركون بالله شيئا .. فقد يكفروا ذرية بني آدم عليه السلام .. هم لا يستطيعون ولا يتجرأون على الشرك بالله ..
ولا أجد أكثر ولا أقوى من جهل ذرية بني آدم من السحرة والوكلاء المسحورين حين انتهاج ذلك الطريق الأسود .. رغم اعتراف إبليس بمصيبته تجاههم وأمام الله ... ولا يسعني إلا أن ادعو على إبليس .. قائلة :
اللهم نتبرأ من حولنا وقوتنا ونلوذ بحولك وقوتك .. أن تكون لأمة حبيبك جارا .. عز جارك وجل جلالك من شر إبليس وجنوده .. أن تقلب وترد أعمالهم في الحياة الدنيا جحيما لتكون عليهم نارا وسعيرا في نار جهنم ...
وادعوا للسحرة بالهداية ... وللمسحورين ألا يضلوا عن طريق الله .. رغم شدته وعظم ابتلائهم ....
وهكذا أجمع المسلمون على أن الملائكة معصومون فضلاء واتفق أئمة المسلمين على أن حكم الرسل من الملائكة حكم النبيين سواء في العصمة في باب البلاغ عن الله عز وجل وفي كل شئ ثبتت فيه عصمة الانبياء فكذلك الملائكة وأنهم مع الانبياء في التبليغ إليهم كالانبياء مع أممهم ثم اختلفوا في غير المرسلين من الملائكة... «وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ» سورة الأنبياء
وأجاب من ذهب إلى عصمة جميع الملائكة عن قصة «هاروت وماروت» بأن ما نقله المفسرون وأهل الاخبار في ذلك لم يصح عن رسول الله «صلى الله عليه وسلم» منه شئ وهذه الاخبار انما أخذت من اليهود وقد علم افتراؤهم على الملائكة والأنبياء....
وقد ذكر الله عز وجل في هذه الآيات افتراء اليهود على سليمان أولا ثم عطف على ذلك قصة هاروت وماروت ثانيا قالوا ومعنى الآية وماكفر سليمان يعنى بالسحر الذى افتعله عليه الشياطين واتبعتهم في ذلك اليهود فأخبر عن افترائهم وكذبهم وذكروا أيضا في الجواب عن هذه القصة وأنها بالة وجوها .
الوجه الاول : أن في القصة أن الله تعالى قال للملائكة لو ابتليتم بما ابتليت به بنو آدم لعصيتموني قالوا سبحانك ماكان ينبغي لنا أن نعصيك وفيه رد على الله تعالى وذلك كفر... قد ثبيت أنهم كانوا معصومين قبل ذلك فلا يقع هذا منهم .
الوجه الثاني : أنهما خيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة وذلك فاسد لان الله تعالى لا يخير من أشرك وأن كات قد صحت توبتهما فلا عقوبة عليهما .
الوجه الثالث : أن المرأة لما فجرت فكيف يعقل أنها صعدت الى السماء وصارت كوكبا وعظم الله قدرها بحيث أقسم بها في قوله فلا أقسم بالخنس الجوارى الكنس فبان بهذه الوجوه ركه (ضعف) هذه القصة والله أعلم بصحة ذلك وسقمه والاولى تنزية الملائكة عن كل مالايليق بمنصبهم .
هذا هو عهد اليهود ... منذ أن وجدوا على الأرض ..لا يعرفون إلا الكذب تاج الفساد الأخلاقي والقيمي والعقائدي والديني .. أباطرة الفساد الإنساني على الأرض.. الذين لم يسلم منهم طائفة ولا شعب ولا دين ولا ملة ولا ذرية ........
الذين لم يسلم منهم حتى الله سبحانه وتعالى .. ناكصي العهود .. قتلة الأنبياء المضللين .. الذين اشتكاهم الله سبحانه وتعالى إلى موسى عليه السلام ... حين حاولوا أن يلعبوا برأس موسى .. يحاولون أن يستميلونه ضد الله عز وجل نفسه ... حتى أن الله قال لموسى عليه السلام .. سيقولون لك صومنا ولم يقبل الله صيامنا ... فقال الله سبحانه وتعالى : فكيف وقد حرمت عليهم الخمر والميتة والدم ولحم الخنزير .. فشربوا الخمر وأكلوا الميتة ولحم الخنزير .. وحرموا علي أنفسهم الطعام ما استبيح لهم ... «كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه» ...
سيقولون لك : تصدقنا ولم يقبل زكاتنا وصدقاتنا ... وقال الله سبحانه وتعالى : كيف أقبل زكاتهم ؟؟!! .. وقد استحلوا أموال الخير وعاثوا في الأرض مفسدين .. وعاشوا بالربا وعلى الربا ...
سيقولون لك : بكينا ولم يقبل الله بكاءنا .. وقال الله سبحانه وتعالى : حذرتهم وأمرتهم بطاعة الأنبياء .. فقتلوهم ...
هؤلاء هم اليهود «بني إسرائيل» .. لم يسلم منهم حتى «الملائكة» هاروت وماروت ... الذين حاولوا أن يسندوا إليهم كل أسباب الشر وهلاك البشرية .. بهذا الكذب الأشر الأسود .. ليعلقوا عليهم أسباب الفساد الذي أرسوه هم على الأرض ..
من تكفير .. وتضليل عن الذات العلية .. والحضرة القدسية .. والتوحيد والوحدانية .. وأذى البشر ... اسقطوا على الملكين «هاروت وماروت» فسادهم الأخلاقي وانحطاطهم القيمي .. حين حاولوا أن يسندوا إليهم جرائمهم وخطاياهم العظمى بالرذيلة والزنا وارتكاب الفواحش ..
ليظل هكذا هو عهد اليهود في الفساد الإنساني اللإنساني .. اللأخلاقي .. اللاديني .. وتحالفاتهم مع الجن الأسود .. والشيطان الأعظم .. لإفساد البشر .. وتخريب الأرض إلى ما لا نهاية .. ليظل اليهود هكذا بنفس المنهج عبر الزمان في كل مكان مع اختلاف الأبطال والايادي الخفية والمعلنة المحركة لتخريب الأرض وإبادة ما عليها من بشر ..
وقد ورد ذُكِر اسمي « هاورت وماروت» في القرآن الكريم في موضع واحد فقط ... وبتأمل هذا الموضع يتبين لنا أنهما من الملائكة «لا من البشر» .... أنهما مرسَلان من الله لكي يعلموا الناس ما يقيهم من الشرور والأذى .....
وعلي خلاف ما ادعته اليهود أنهما من البشر ..... أو أنهما ملكان وقعا في معصية فمسخهما الله تعالى : وهذا دليل على أنهم لا يتحدثون إلا بالكذب والباطل حين تكلموا في أمر غيب هكذا وبلا علم بل وحين علموا قاموا بإنتقاص قيمة وقدر ملائكة الرحمن .. الملكين «هاروت وماروت» وحاولوا اصباغ فسادهم وإفسادهم عليهم .. وهذا ما قصته علينا الكتب الضالة المُضلة .. كتب بني إسرائيل في حق الملكين ...
أي كذب ؟؟؟!!!.. أي ضلال ؟؟!!!! ... أي افتراء؟؟؟!!! ... أي وجه ؟؟!!!! ... أي عدم حياء ؟؟؟!!!! .. في ذلك التضليل العظيم ... في الإهانة والإساءة لملائكة الله ..
هؤلاء الملائكة الذين هم خلق من خلق الله ... وعباد من عباده... مفطورين على العبادة.. ومجبولين عليها ... والأدلة على ذلك كثيرة من الكتاب والسنة منها : قوله تعالى : ( لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) سورة التحريم ......... وقال تعالى : « يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ»
قال تعالي :« إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ » سورة الأعراف ...... أى : أن شأنهم و عبادتهم و جبلتهم التى فطروا عليها ، هى الخضوع و العبادة ....... وكذلك يقول المولى عز وجل فى سورة الأنبياء .. :«بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ » ............ و قال جل فى علاه : { يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ » سورة الأنبياء
وهم يسبحون الله ليلاً ونهاراً..... ولا يتعبون ولا يملون من عبادة ربهم..... قال الله تعالى: «وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ » سورة الأنبياء
ومن كان هذا دأبه.... فأنى تتأتى منه المعصية؟؟؟؟!!!!!!! .... وهم المطيعون الصادقون..... وقد وصفهم الله تعالى في كتابه العزيز: «كرام بررة» .... فمن كان باراً مطيعاً فهل يخالف؟؟؟؟؟؟!!!! ...
فمن تلك الآيات يتبين أن الملائكة عليهم السلام محفوظون بحفظ الله عن المعصية والذنوب.... ويجب تنزيه مقامهم الرفيع عن كل ما يحط من رتبتهم ومنزلتهم عن جليل مقدارهم.
فهذه الآيات تفيد أن المعصية لا تحصل من الملائكة ، فهم معصومون ، لذا يرى الإمام فخر الدين الرازى أن الذين اتفقوا على عصمة الملائكة من جميع الذنوب هم الجمهور من علماء الدين ......
وكل ما عدا ظاهر القرآن في حال هذين الملَكين : فهو من الإسرائيليات.... يردها ما ثبت من عصمة الملائكة ... على وجه العموم .....
وتسوقنا الأقدار .. أن نحكي عن بني إسرائيل الأشرار ... وياليتنا بنحظى بشرف المجاهدين الأحرار .. ونحن نقص ونحكي ونحذر وننذز ونذكر ببني اسرائيل بناقوس إنذار ... أن نفيق من غفلتنا أمة الإسلام .. نُنير القلوب فنعيد الإبصار .. إلى أي مدي وصلت بني إسرائيل من القبح والأقذار .. في استمرارها في التبجح على سبحانه وتعالى بالتضليل والإنكار ... وما تقوم به تجاه ذرية آدم من شرور وأذى بكل خسة وإصرار ..
إنه ناقوس خطر وإنذار .. هل نفيق لهم وهم يبيدون وقد اعتبرونا الأغيار .. وقد تحالفوا ضدنا مع إبليس وجنوده ليقلبوا دنيانا إلى جحيم ونار .. قبل سعير جهنم بعد أن أثقلونا بما صنعوه من أوزار .. بعد أن خلقوا بين أمة النبي محمد الفتن بالأهوال والأخطار ..
هل نفيق بالوحدة .. كي نتمكن من الفرار ... من أصعب الأقدار .. التي سطروها على جبيننا يوم أن بعدنا عن الله فكان أشد الإعصار .. يوم أن تفرقنا عن عصمتنا ووحدتنا لعلنا نفلت من سوء القرار .. أنذركم بيوم تتقلب فيه القلوب والأبصار .. أذكركم بدار البوار ... حين غلت أيديكم عن التصدي لبني إسرائيل «أهل النار» ... أعداء الله ناقضي العهود والأسرار .. قساة القلوب أشد من الأحجار .. عماة البصائر ... وصمة البشرية في الخزي والعار ..