خميلة الشعراء تشكو!
أحزننى ما رأيته من حال الإسكندرية، فالقمامة فى كل مكان، حتى لقد ألفها الناس وتعايشوا معها، فالإسكندرية اليوم غير تلك التى عرفتها فى طفولتى وشبابى وكانت لى فى محافلها الثقافية ذكريات جميلة، فالإسكندرية موطن الشعر والجمال التى تغنى بها أمير الشعراء أحمد شوقى:
إسكندرية ياعروس البحر .. وخميلة الحكماء والشعراء
وشوقى لم يبالغ فى وصفه فمنذ بنى الإسكندر المقدونى مدينة الإسكندرية سنة (332 ق.م)، لتكون مقرًا له وعاصمة لإمبراطوريته، وهى موطن الأدباء والفنانين، ومقصد الكتَّاب والشعراء، ومن لم يولد بها أو ينشأ فيها، جاء إليها وقضى بين ربوعها ردحًا طويلًا أو قصيرًا من حياته، زارها نجيب محفوظ والحكيم وتيمور وغيرهم من كبار المبدعين واستلهموا من أناسها وطبيعتها الساحرة كتاباتهم.
وزارها فلوبير فوقع فى غرامها وكتب عن رحلته إليها، وعاش بها الشاعر المهجرى إيليا أبو ماضى، وتغنى بجمالها، وجاءها الكاتب والشاعر الإنجليزى لورانس داريل فلم يملك فكاكًا من حبها، ومكث فيها وعاش المواطنة السكندرية مخلصًا، وكتب عنها رائعته السردية "رباعية الإسكندرية"، وأنبهر بروعتها شاعر اليونان الأشهر قسطنطين كفافيس، وتوحد معها وعاشت داخله، وعنها كتب:
فلأقف هنا، ولأرى الطبيعة مليا
شاطئ بحر رائع، أزرق أصفر، فى صباح سماؤه صافية
كل شئ جميل مفعم بالضياء
فلأقف هنا، ولأخدع نفسى بأنى أرى هذه حقا
ولا أرى خيالاتى ومتعة وهمية.