محمود عارف.. صحفى من الزمن الجميل
رحل عنا قبل أيام أحد عمالقة الصحافة، الكاتب الصحفى المخضرم محمود عارف، مدير تحرير جريدة الأخبار الأسبق، ومحرر "أخبار الجامعات"، تلك الزاوية الشهيرة التى كانت تحتل عمودين فى 15 سنتيمترًا من الصفحة الأخيرة لجريدة "الأخبار"، وكانت منبرًا لقضايا الجامعات ومشكلات الطلاب.
وكنت واحدًا ممن ساعدهم الراحل الكبير، ففى عامى الثانى فى الجامعة واجهتنى مشكلة كادت تطيح بمستقبلى، فمن بين المواد الدراسية المقررة كانت هناك مادة موسيقى الشعر، والتى تعتمد أساسًا على السمع، إذ يتم تشكيل الكلمات ثم تقطيعها على البحور الخليلية، وتشكيل الكلمة يعتمد سلامة نطقها، وكانت معضلة بالنسبة لى، فمحصولى اللغوى المتحصل عبر السماع متوقف عند سن التاسعة من عمرى، وهى السن التى تعرضت فيها لحادثة أفقدتنى السمع كليًا، وباقى المحصول اللغوى أكسبته بالقراءة من كتب غير مشكولة، مما يجعلنى أحرك الساكن وأسكن المتحرك، وبالتالى أخطئ فى التشكيل، مما يحول دون تمكنى من تقطيع البيت الشعرى تقطيعًا سليمًا.
يومها كتب الأستاذ محمودعارف مناشدًا وزير التعليم العالى حل مشكلتى، خاصة أنى أول حالة تعرفها الجامعة، لأنى تعلمت فى مدارس عامة وليس فى مدارس للصم، والتى كانت – آنذاك - تتوقف عند الإعدادية المهنية، كما أن تقديراتى فى باقى المواد تراوحت ما بين جيد مرتفع وجيد جدًا، ومقترحًا أن يتم تشكيل الكلمات لى، وأتولى التقطيع الذى هو أساس الدرجة، وأخذ الوزير بتوصيته، ونجحت فى المادة المعضلة، وكان للراحل بعد الله الفضل.
يرحم الله أستاذنا محمود عارف ويثيبه خيرًا.