رحيل «الشاب الثمانينى»
بوفاة الشاعر الكبير فاروق شوشة يسدل الستار على "شاب ثمانينى" كرّس حياته لحماية اللغة العربية منذ ستينيات القرن الماضى، وكان برنامجه الشهير "لغتنا الجميلة" بمثابة معبد تؤدى فيه صلوات الحب للغة القرآن الكريم ويحتفى بها، ويدعو البسطاء قبل المثقفين إلى حبها، والتعرف على مواطن الجمال والإعجاز فيها.
وبرغم أن شوشة شاعر مجيد، بل من أهم شعراء جيل الستينيات، إلا أن شعره لم يحظ بالدراسات النقدية التى حظى بها شعر رفيق السكن أيام الدراسة ورفيق درب الشعر الشاعر أحمد عبدالمعطى حجازى "كان ثالث زملاء شقة سكن التلامذة الناقد الكبير د. محمود الربيعى أطال الله عمره، ورابعهم شاعر لم يشتهر رغم أنه كان يصحح لحجازى فى بداياته موسيقى شعره، أما خامسهم فكان زوج شقيقتى ولم يكن شاعرًا"، وربما كانت طبيعة شوشة النائية عن الأضواء سببًا فى قلة اهتمام النقاد بشعره، فيما كان حجازى يشاكس هنا وهناك، ويلتحم فى معارك كلامية ونقدية، وقد حكى لى زوج شقيقتى الراحل – يرحمه الله – أن شوشة سبق حجازى إلى الشعر، وتفوق عليه فى جزالة اللفظ وقوة العبارة، إلا أن حجازى كان يعرف كيف يجذب الضوء إليه.
وقد التقيت الراحل مرارًا فى جريدة الأهرام ومناسبات أدبية مختلفة، إلا أن اللقاء الذى حفر فى ذاكرتى، كان عندما صافحنى بحرارة وشدَّ على يدى، وهو يسلمنى جائزة مسابقة الشيخ الشعراوى التى ينظمها مجمع اللغة العربية، وكنت أحد الفائزين بها عن كتابى "عوامل قيام الحضارات وانهيارها فى القرآن الكريم".
يرحم الله شاعرنا "الشاب الثمانينى"، فقد فاق فى العطاء من هم فى نصف عمره.