العميد فى ذكراه
يوافق اليوم الذكرى الثالثة والأربعين لرحيل عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين، أحد أبرز علامات مصر والعالم العربى الثقافية والفكرية فى العصر الحديث، والذى شغل الناس حيًّا وبعد رحيله، فما تركه من آثار عظيمة المحتوى لا يزال يناقش ويحلل فى الجامعات والأكاديميات، ولا يزال تلاميذه يعمرون حلقات البحث العلمى على نهج أستاذهم.
وككل العظماء اختلف الناس حوله، منهم من رفعه إلى أعلى مراتب الفكر ومنهم كفره وهوى به أسفل سافلين، منهم من أعتبره أبرز دعاة التنوير فى العالم العربي، وآخرون رأوه رائدًا من رواد التغريب، وأن الغرب هو من خلع عليه لقب عميد الأدب العربى.
إلا أن أحدًا من هؤلاء وأولئك لم يختلف على عبقريته، ورحلة كفاحه حتى وصل إلى ما وصل إليه، ففى حياته جوانب كثيرة رواها فى"الأيام" تستحق أن يدرسها أبناؤنا، ليتعلموا منها ماذا يمكن للإرادة أن تفعل فى مواجهة قسوة الواقع.
وفى تقديرى أن كتابه "مستقبل الثقافة فى مصر" يعد واحدًا من أهم الكتب، التى ناقشت الشأن الثقافى المصرى بموضعية وعلمية واضعة الحلول لمشكلاته، ولولا تلك المقدمة الضافية التى صدّر بها العميد كتابه محاولًا إثبات أن مصر تنتمى ثقافيًا لدول البحر المتوسط أكثر من الثقافة العربية، لاستطعت القول إن الكتاب الأهم بين الكتب التى ناقشت الوضع الثقافى.
يرحم الله عميد الدب العربى ويغفر له، وما أحوجنا فى ذكراه إلى تلمس رحله كفاحه والاقتداء بها.