في ذكرى الوعد المشئوم
في هذا الشهر أكمل وعد بلفور المشئوم 99 عامًا ودخل عامه المائة، مخلفًا ثمرة تمثلت في تشريد شعب كامل من أرضه، وإحلال شتات من مجرمي العالم محله، وباسم هذا الوعد أرتكبت جرائم لا تعد ولا تحصى، وتحولت المنطقة العربية إلى منطقة اضطرابات، إذ حرص الكيان اللقيط الذي زُرع في فلسطين الحبيبة على أن يبقيها مشتعلة، ويغذيها بالخلافات ليبقى العرب مشتتين ومتفرقي الكلمة.
وقد كنت واحدًا من أبناء جيل ما بعد النكبة، تفتحت عيناي على المأساة، وتربيت وجيلي على رفض الكيان المزروع في أرضنا غصبًا، وآمنا بمبدأ "ما أُخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة".
وزكّى فينا الانصهار في قضية فلسطين ما سطرته أقلام الأدباء الكبار، رأينا يوسف السباعي يكتب عام 1956م "طريق العودة" متناولاً ما لحق بالشعب الفلسطيني الصابر من ظلم، ومتحدثًا عن حق اللاجئين في العودة إلي ديارهم, ويتعرض في "ابتسامة علي شفتيه" عام1970 م لمعركة الكرامة بين الفدائيين الفلسطينيين والقوات الصهيونية. مقدمًا صورًا مضيئة للعمل الفدائي, وملقيًا الضوء عليه كرمز للصمود، وبثت فينا قصائد شعراء فلسطين الكبار من أمثال: إبراهيم طوقان وشقيقته فدوى، عبد الرحيم محمود، هارون هاشم رشيد محمود درويش، توفيق زياد، وسميح القاسم.. وغيرهم، روح الحماسة والوطنية، والرغبة في الفداء.
فالأدب العربي كان دومًا ولا يزال في خدمة القضية، إذ واكبها الشعراء والروائيون والقاصون، وأبدعوا وقدموا لوحات أدبية للمأساة ليطالعها العالم، ولم يحل تعتيم الصهاينة على أعمالهم دون حرصهم على تناولها.