بردية وستكار
نستكمل اليوم ما جاء فى بردية وستكار عن أبناء "رع": “ثم تقدم الابن الثالث ‘لى أبيه وقال له:إن القصص التى سردت على أسماعكم هى من عصور غابرة ولا ندرى مدى صحتها، أما أنا فسوف أقص عليكم قصة ساحر يعيش بيننا هذه الأيام يدعى "د د ى"، ويسكن بقاع المستنقعات فى شمال الدلتا، عمره 110 سنوات، ويأكل يوميًا 500 رغيف ونصف ثور ويشرب مائة آنية من الجعة، وهو قدير فى شؤون السحر، إذ فى استطاعته أن يفصل رأس إنسان أو حيوان عن جسمه، ثم يضمهما مرة ثانية فتعود إليه الحياة، وأيضًا يروض الوحوش فيجعلها مستأنسة، وهو الوحيد بين الناس الذى يعرف بدقة رسوم منزل الآله ”تحوت”، وكان هذا الآمر يهم الملك ”خوفو ” كثيرًا لأنه يبحث منذ أمد طويل عن هذه الرسوم، لكى يستغلها فى بناء أفقه (هرمه)، وأمر الملك بإحضار ”د د ى” إليه على وجه السرعة، وطلب إلى ابنه واسمه ”د د ف - حور” أن يستقل سفينة، ويذهب لإحضار هذا الساحر، وأبحر الأمير إلى الشمال حتى وصل إلى مكان الرجل، ثم سار فى محفته المصنوعة من الأبنوس إلى مسكن الساحر، فوجده راقدًا فوق حصير أمام باب منزله، وقد أسلم قدميه إلى كاهن ليدلكهما، وبعد أن تبادلا التحية وتحدث ”د د ى” عن حالة الإنسان فى سن الكهولة، فاتحه الأمير فى أمر المهمة التى أتى من أجلها وقال: لقد أتيت إلى هنا فى مهمة لأبى ”خوفو”، ولأدعوك لتأكل من أطيب ما يعطيه لك الملك من طعام حاشيته، حتى يجعلك تصل بعد حياة جميلة إلى آبائك الذين يقيمون الآن فى مدينة الأموات (1)، فحياة ”د د ى” قائلًا: أهلًا ! أهلًا ! بـ”د د ف - حور” ابن الملك الذى يحبه أبوه، إنى طوع أمرك، ثم مد الأمير يده إليه وساعده على الوقوف، ومشى معه حتى الشاطئ مادًا بذراعه إليه (2)، وطلب ”د د ى” أن يسمح له بقارب لينقل فيه كتبه المتعددة وأولاده الكثيرين، فنفذت مشيئته وأبحر إلى الجنوب ووصل هذا المركب إلى العاصمة.
وعندما وصل الأمير ”د د ف - حور” إلى البلاط دخل على أبيه الملك ”خوفو ” مسرعًا لينبئه بحضور الساحر، وقال: سيدى الملك، لقد أحضرت ”د د ى” فقال الملك: أسرع وأدخله علىّ، وذهب الملك إلى بهو الأعمدة بالقصر، إذ أدخلوا عليه ” د د ى”، ووجه الملك حديثه إليه قائلًا: كيف هذا يا ”د د ى”، إنى لم أرك إلى الآن فقال ”د د ى”: من يدع يجب، قد دعانى الملك وها أنا قد أتى، فقال الملك: أحقًا ما يرويه الناس عنك من أنه فى وسعك إعادة الرأس المقطوع إلى الجسد فتدب فيه الحياة مرة ثانية؟ فقال ”د د ى ”: نعم يا سيدى الملك، أستطيع ذلك فقال الملك: احضروا لى أسيرًا من السجن ليثبت فيه دعواه (3) فقال ”د د ى” أرجو ألا يكون هذا فى إنسان، إننا لا نصنع هذا مع حيوان ممتاز، فليأمر الملك بتجربة ذلك فى شىء آخر.. فجىء له بأوزة وفصل عنها رأسها، ووضع جسدها فى الجانب الغربى من البهو ووضع رأسها فى الجانب الشرقى منه، وتلا ”د د ى” تعويذة سحرية، فوقفت الأوزة وتحركت، وكذلك فعل الرأس، ولما بلغ كل منهما الآخر التصقا، وعادت الحياة إلى الأوزة وأخذت تصيح، بعد ذلك أمر الملك بإحضار (ثور) وفصل رأسه عن جسده ، ثم قرأ ط د د ى” تعويذته السحرية فوقف الثور بعد أن عادت إليه الحياة، وهكذا أتى ”د د ى” بكثير من المدهشات مما جعل الملك يثق فى حكمته. (يتبع)